Page 66 - تاريخ مصر الإسلامية 1 ثالثة ارشاد سياحى
P. 66

‫لقضاء حوائج الناس ‪ ،‬وكان يتهجد ويمرغ وجهه ساجداً ويقول ‪ :‬اللهم لا تسلط على‬
                                                                        ‫مخلوقاً ‪.‬‬

‫ومع أن كافور ترك في خزائنه عند وفاته ثروة ضخمة قدرت بنحو مليون دينار من‬
‫الجواهر والثياب والسلاح والأمتعة ‪ ،‬إلا أنه كان كريماً في حياته ‪ ،‬يحرص على إرسال‬
‫المال والطعام والثياب مع ركب الحجاج كل عام لتوزع في الحجاز‪ .‬وقد وصف صاحب‬
‫كنز الدرر ثراء كافور وكثرة مصروفه ‪ ،‬فقال بلذ مما كان يعمل في مطبخ كافور لما‬
‫قوى سلطانه وكثرت أمواله في كل يوم من اللحم ألفان وسبعمائة رطل ‪ ،‬وخمسمائة‬
‫طائر دجاج ‪ ،‬والف طائر حمام ‪ ،‬ومائة طائر أوز ‪ ،‬وخمسون خروفاً رميساً ‪ ،‬ومائة‬
‫جدى سمين ‪ ،‬وعشرون فرخاً ‪ ،‬وخمسمائة صحن حلوى في كل صحن عشرون رطلاً ‪،‬‬

                                                    ‫ومائتان وخمسون طبقاً فاكهة ‪.‬‬

‫هذا هو أبو المسك كافور ‪ ،‬العبد القبيح الخلقة الوضيع الأصل ‪ ،‬الذي استطاع أن‬
‫يستغل مواهبه ويشق طريقه حتى وصل إلى مكانة مرموقة بين زعماء عصره‬
‫ورجالات زمنه‪ .‬لذلك لا عجب إذا أفاض المؤرخون المعاصرون في الكلام عنه ونسجوا‬
‫القص الكثير حول شخصيته واعتبروه من أعاجيب الدنيا وسيرته من أيرب‬

                                                                          ‫السير ‪.‬‬

                   ‫العلاقات الخارجية للدولة الإخشيدية‬
                         ‫‪............................‬‬

‫رأينا في الصفحات السابقة أن الإخشيديين ربطتهم بالخلافة العباسية علاقات طيبة‬
‫‪ ،‬ساعد عليها حرص الإخشيديين على إظهار ولائهم للخلافة بوصفها الأم التي تربطها‬
‫بالولايات روابط الإخلاص والمصالح المشتركة‪ .‬كذلك ساعد على هذه العلاقات الطيبة‬
‫ضعف الخلفاء العباسيين وانشغالهم بتحرير أنفسهم في العاصمة من وطأة كبار الأمراء‬
‫‪ ،‬ثم انصراف هؤلاء الأمراء إلى ما كان بينهم وبين بع أو بينهم وبين الخلفاء من‬
‫أحقاد ومنازعات لا تنتهي‪ ،‬مما صرفهم جميعاً عن شهون مصر ويير مصر من أطراف‬
‫الدولة‪ .‬وحسب الخلفاء العباسيين أن يدعي لهم على منابر الجوامع في مصر والشام ‪،‬‬
‫وحسب الأمراء الإخشيديين أن تعترف الخلافة العباسية بوضعهم في مصر والشام ‪،‬‬
‫حسبهم جميعاً ذلك ليرضى كل طرف عن الآخر ويسود حسن التفاهم العلاقات بين‬

                                                                         ‫الطرفين‪.‬‬

‫هذا عن العلاقات بين الإخشيديين والخلافة العباسية ‪ ،‬أما عن العلاقة بين‬
‫الإخشيديين والحمدانيين ‪ ،‬فقد رأينا كيف حرص الحمدانيون من أول الأمر على‬

                                              ‫‪66‬‬
   61   62   63   64   65   66   67   68   69   70   71