Page 68 - تاريخ مصر الإسلامية 1 ثالثة ارشاد سياحى
P. 68

‫هـ ‪963 /‬م حتى بادر إلى مهاجمة شمال الشام وأنزل الهزيمة بسيف الدولة الحمداني‬
                                                                     ‫ولله الأمر ‪.‬‬

‫وفي سنة ‪ 357‬هـ ‪968 /‬م أيار الإمبراطوري نقفور فوقاس على بلاد الشام‬
‫وأخرب كثيراً من المدن وأويل حتى طرابلس ‪ ،‬ولكنه لم يستطع أن يستمر في تقدمه‬
‫جنوباً في بلاد الشام وأن يحقق حلم الروم العظيم في الاستيلاء على بيت المقدس‪.‬‬
‫وربما تخوف من المقاومة التي سوف يلقاها من كافور الإخشيدي ‪ ،‬في الوقت الذي‬
‫كان البلغار على حدود الدولة في البلقان يشكلون خطراً جسيماً يتطلب يقظة أباطرة‬
‫القسطنطينية في ذلك الدور‪ .‬وإذا كانت جيوش نقفور فوقاس قد استطاعت الاستيلاء‬
‫على أنطاكية في العام التالي سنة ‪ 358‬هـ ‪969 /‬م ثم فرض سيطرة الروم على حلب‬
‫في نفس العام ‪ ،‬فإن ذلك جاء بعد وفاة كافور ‪ ،‬أي في الوقت الذي كانت الدول‬

                                              ‫الإخشيدية نفسها تمر بدور الاحتضار‪.‬‬

‫هذا عن العلاقة بين الإخشيديين والدولة البيزنطية ‪ ،‬أما القوة المسيحية الأخرى‬
‫التي احتكت بالدولة الإخشيدية فكانت مملكة النوبة المسيحية‪ .‬والمعروف أن العرب لم‬
‫ينجحوا في فتح بلاد النوبة بعد الفتح العربي لمصر ‪ ،‬ومن ثم ظلت بلاد النوبة محتفظة‬
‫بوضعها على حدود مصر الجنوبية ‪ ،‬تقوم فيها مملكة مسيحية‪ .‬وإذا كان عبد الله بن‬
‫سعد بن أبي سرح قد عقد اتفاقية البقط الشهيرة مع النوبة – كما سبق أن مر بنا – فإن‬
‫هذه الاتفاقية لم تنفذ بصفة دائمة منتظمة ‪ ،‬وإنما كان ملوك النوبة ينتهزون عصور‬
‫الذبول والضعف في التاريخ المصري ‪ ،‬ليغيروا على حدود مصر الجنوبية ‪ ،‬ويظفروا‬
‫بما يطمعون فيه من يلال وييرها‪ .‬ومن جهة أخرى استمر كثير من حكام مصر‬
‫ينظرون إلى بلاد النوبة على أنها سوق عام يستوردون منه الرقيق ‪ ،‬حتى أن جيوش‬

      ‫الطولونيين والإخشيديين ثم الفاطميين كانت تضم فرقاً كبيرة من الجند السودان‪.‬‬

‫وقد حدث سنة ‪ 339‬هـ ‪950 /‬م في عهد أونوجور بن الإخشيد أن أياار النوبيون‬
‫على الواحة الخارجة ‪ ،‬فدمروا وخربوا ونهبوا وقتلوا ثم عادوا راجعين إلى بلادهم‪.‬‬
‫وبعد ذلك بخمس سنوات – أي سنة ‪ 344‬هـ ‪955 -‬م – قام ملك النوبة بإيارة ضخمة‬
‫على أسوان ‪ ،‬فقتل جمعاً من المسلمين ونهب القرى ‪ ،‬وعندئذ أرسل كافور جيشاً برياً‬
‫بقيادة محمد بن عبد الله الخازن ‪ ،‬كما أنفذ عمارة بحرية في النيل ‪ ،‬وحملة بحرية‬
‫سارت في البحر الأحمر فنزلت على شواطهه جنوبي الحدود بين مصر والنوبة لتقطع‬
‫خط الرجعة على النوبيين‪ .‬وبذلك أمكن إنزال الهزيمة بالنوبيين سنة ‪ 345‬هـ ‪956 -‬م‬
‫فولوا الأدبار ‪ ،‬وظلت الجيوش الإخشيدية تطاردهم حتى قلعتهم إبريم ‪ ،‬وسبى محمد بن‬

                       ‫عبد الله الخازن أعداداً كبيرة منهم أحضرهم صحبته إلى مصر‪.‬‬

                                              ‫‪68‬‬
   63   64   65   66   67   68   69   70   71   72   73