Page 67 - تاريخ مصر الإسلامية 1 ثالثة ارشاد سياحى
P. 67

‫استغلال الموقف في المنطقة الممتدة بين الفرات والنيل لتحقيق مكاسب إقليمية‬
‫لأنفسهم على حساب العباسيين والإخشيديين جميعاً‪ .‬وقد أويلت جيوش الحمدانيين في‬
‫بلاد الشام أكثر من مرة ‪ ،‬ونجحوا في انتزاع حلب نهائياً لأنفسهم ‪ ،‬ولكنهم لم يفلحوا‬
‫في الاحتفاظ بدمشق ‪ ،‬ريم وصولهم إلى الرملة جنوباً ‪ ،‬وبذلك اقتصر نفوذهم على‬
‫شمال الشام في حين احتفظ الإخشيديون ببقية تلك البلاد بصفة يالبة ‪ ،‬إلا أن يكون‬
‫خطراً عارضاً – كخطر القرامطة – الذين هددوا بلاد الشام أكثر من مرة في ذلك‬

                                                                           ‫العصر‪.‬‬

‫فإذا أرجأنا قليلاً علاقة الإخشيديين بالفاطميين في المغرب ‪ ،‬وجدنا الإخشيديين‬
‫يحتكون بقوتين يير إسلامتين – أي مسيحيتين – هما الدولة البيزنطية في الشمال ‪،‬‬

                                 ‫ومملكة النوبة المسيحية على حدود مصر الجنوبية‪.‬‬

‫أما عن الدولة البيزنطية – أو دولة الروم في آسيا الصغرى – فكانت في ذلك الدور‬
‫ترقب عن كثب ما يجري في جوف الدولة الإسلامية من انقسام وتفكك ‪ ،‬وتأمل أن يحل‬
‫قريباً اليوم الذي تستطيع فيه أن تثأر لنفسها من المسلمين الذين انتزعوا من دولة‬
‫الروم في القرن السابع للميلاد (الأول للهجرة) أثمن أجزائها في الشرق الأدنى‪ .‬وكانت‬
‫بلاد الشام بالذات تمثل مكانة خاصة في قلوب الروم حتى عصر الحروب الصليبية ‪ ،‬فلم‬
‫ينفك شعور الحنين نحو تلك البلاد وضرورة استرداد بيت المقدس ذات الأهمية الدينية‬
‫عند المسيحيين ‪ ،‬لم ينفك هذا الشعور يراود قلب كل إمبراطور بيزنطي‪ .‬ومع ذلك فإنه‬
‫يبدو أن الدولة البيزنطية في النصف الأول من القرن الرابع الهجري (العاشر للميلاد)‬
‫كانت لا تقوى على القيام بهجوم كبير على بلاد الشام ‪ ،‬ولابد أن يكون الإمبراطور‬
‫البيزنطي رومانوس الأول قد أحس بقوة محمد بن طغج الإخشيد ‪ ،‬بدليل أنه راسله‬
‫مباشرة – متجاهلاً الخليفة العباسي – مظهرا الود ‪ ،‬طالباً تبادل الأسرى وتنظيم الفداء‪.‬‬
‫ويقال أن الإخشيد أكرم رسل الإمبراطور وبعث بهداياه صحبتهم إلى الإمبراطور‪ .‬وعند‬
‫وفاة الإخشيد ‪ ،‬استمر كافور على سياسته تجاه الإمبراطورية البيزنطية ‪ ،‬فأكرم رسلها‬

                                                                  ‫وأحسن وفادتهم‪.‬‬

‫يير أنه حدث في النصف الثاني من القرن العاشر للميلاد (الرابع للهجرة) أن‬
‫أخذت الدولة البيزنطية تزداد صحوة وإفاقة ‪ ،‬وإلى جوارها القوى الإسلامية تزداد‬
‫فرقة وانقساماً ‪ ،‬الأمر الذي أيرى الإمبراطور البيزنطي رومانوس الثاني على يزو‬
‫الشام ‪ ،‬وفرض السيادة البيزنطية على حلب سنة ‪ 351‬هـ ‪962 /‬م ‪ ،‬وكان ذلك على‬
‫عهد على بن الإخشيد‪ .‬وعندما عجز سيف الدولة الحمداني عن صد الروم استنجد‬
‫بالإخشيديين ‪ ،‬فخرجت الجيوش من دمشق لنجدة المسلمين ‪ ،‬وعندئذ انسحب الروم‬
‫إلى بلادهم‪ .‬ولكن ما كاد الإمبراطور نقفور فوقاس يلي عرش الإمبراطورية سنة ‪352‬‬

                                              ‫‪67‬‬
   62   63   64   65   66   67   68   69   70   71   72