Page 74 - تاريخ مصر الإسلامية 1 ثالثة ارشاد سياحى
P. 74
التجار حينا ،ويبذل الرشاوي والأموال أحياناً ،ليخترق بلاداً تدين بالولاء ،والتبعية
للخلافة العباسية ،مثل الشام ومصر وتونس.
ومع ذلك فقد وقع في أسر أمير سجلماسة ،حتى استطاع الخلاص من الأسر سنة
296هـ 908 -م .وأخيراً وصل عبيد الله المهدي القيروان فاستقبله الناس استقبالاً
حاراً وبايعوه بالخلافة ،فتلقب بالمهدى أمير المؤمنين وبذلك قامت الدولة الفاطمية في
شمال أفريقية سنة 297هـ 909 -م.
وقد اعتاد الكتاب والمؤرخون أن يربطوا بين مصر والدولة الفاطمية على أساس
أن هذه الدولة شهدت أحلى أيامها وأمجد عصور تاريخها في مصر بالذات .ولكن هذه
الحقيقة ينبغي ألا تنسينا واقع التاريخ ،وهو أن الدولة الفاطمية ولدت وشبت بالمغرب
،حتى انتقل الخليفة المعز لدين الله الفاطمي إلى مصر سنة 362هـ 972 -م .وعلى
هذا الأساس فإن تاريخ الدولة الفاطمية ينقسم في حقيقة أمره إلى دورين كبيرين:
الدور المغربي ويمتد من سنة 297هـ 909 -م حتى سنة 362هـ 972 -م ،والدور
المصري ويمتد من هذه السنة الأخيرة حتى سقوط الدولة الفاطمية سنة 567هـ -
1171م.
وفي الدور المغربي أو الأفريقي للدولة الفاطمية تعاقب في منصب الخلافة أربعة
خلفاء هم عبيد الله المهدي ( 322 – 297هـ 934 – 909 ،م) والقائم (– 322
334هـ945 – 934 /م) والمنصور ( 341 – 334هـ952 – 945 /م) والمعز من
341هـ 952 /م حتى انتقاله إلى مصر سنة 362هـ 972 /م .وقد شهد هذا الدور
نمو الدولة الفاطمية واتساعها في شمال أفريقية ،فقضى الفاطميون على دولة
الأيالبة ودولة الأدارسة واصطدموا بالخلافة الأموية بالأندلس وحدوا من نفوذها في
شمال أفريقية ،وبسطوا سيطرتهم على صقلية ،وصارت أساطيلهم هي الغالبة على
مياه البحر المتوسط.
على أنه إذا كان الفاطميون في ذلك الدور وقد نجحوا في مد نفوذهم على شمال
إفريقية حتى المحيط الأطلسي يرباً ،وفي التغلب على المشاكل والثورات الداخلية
والأخطار الخارجية التي واجهتهم ،فإن ذلك لم يلههم عن مصر بالذات ،وبعبارة
أخرى فإن شهون المغرب لم تلههم عن المشرق .والحق أن الخليفة عبيد الله الفاطمي
ما كاد يتولى أمر الخلافة في المغرب ،حتى أخذ يتطلع إلى مصر ،الأمر الذي جعل
العلاقة بين الفاطميين في المغرب وحكام مصر تتطور ،حتى انتهى الأمر بسقوط الدول
الإخشيدية ونجاح الفاطميين في امتلاك مصر ثم اتخاذها قاعدة لدولتهم.
74