Page 92 - تاريخ مصر الإسلامية 1 ثالثة ارشاد سياحى
P. 92
الفاطمية من أن الوزير طلائع بن رزيك اتخذ لنفسه لقب الملك الصالح وأخذ يلهو
بالخلفاء الصغار ،يعين من يشاء ويعزل من يريد .وعندما أقام الوزير طلائع بن رزيك
الخليفة العاضد سنة 555هـ 1160 -م هلل الناس للخليفة الجديد ،فتعجب بن رزيك
من جهل الشعب وقال وكأني بهؤلاء الجهلة وهم يقولون ما مات الأول حتى استخلف
هذا ،وما علموا أنني كنت منذ ساعة استعرضهم استعراض الغنم!! .
ولم يلبث النزاع بين الوزراء والخلفا أو بين الوزراء بعضهم وبع أن أدى إلى
تدخل القوى الخارجية – من مسلمين وصليبيين – وهو التدخل الذي انتهى بسقوط
الدولة الفاطمية نفسها.
ظهور خطر الحملات الصليبية
.........................................
في الوقت الذي يرقت الخلافة الفاطمية – في عصرها الثاني – في مشاكلها
الداخلية ،ظهر خطر جديد هدد الوطن العربي الإسلامي في منطقة الشرقي الأدنى ،هو
الخطر الصليبي.
وعند ظهور الصليبيين لأول مرة في بلاد الشام في أواخر القرن الحادي عشر
الميلاد (الخامس الهجري) ،كان النفوذ الفاطمي قد أخذ يتقل عن تلك البلاد ،ففي
سنة 462هـ1070 /م أعلن قاضي صور ابن أبي عقيل خروجه عن طاعة الفاطميين
واستقلاله بمدينة صور .أما قاضي طرابلس الحسن بن عمار فقد انفصل عن الفاطميين
أيضاً سنة 462هـ 1070 /م استولى آتسز بن أوق أحد القادة الأتراك من أتباع
السلطان ألب أرسلان على الرملة وبيت المقدس وفلسطين بأكملها – عدا أرسوف –
كما استولى سنة 468هـ 1075 /م على دمشق وضواحيها.
والواقع أن أول ما يسترعى انتباه الباحث في موقف الدولة الفاطمية من الصليبيين
،هو أن تلك الدولة وقفت منهم موقفاً مضطرباً يتسم بعدم الفهم الصحيح لحقيقة
الحركة الصليبية في أدوارها الأولى .ولا نجد نحن تفسيراً لهذا الموقف الغريب سوي
انشغال الفاطميين بمشاكلهم الداخلية في ذلك الدور الثاني من أدوار تاريخ الدولة
الفاطمية ،بالإضافة إلى تحكم روح العداء بين الفاطميين الشيعة في مصر والسلاجقة
السنة في الشام ،وهو العداء الذي جعل الفاطميين ينظروان في أول الأمر إلى
الصليبيين كقوة مفيدة يمكن أن تشكل حاجزاً بينهم وبين خصومهم السلاجقة .لهذا كله
اتصفت الأعمال الحربية التي قامت بها الدولة الفاطمية ضد الصليبيين في ذلك الدور
إسوة النظام والإهمال وعدم تقدير خطورة الموقف.
92