Page 96 - تاريخ مصر الإسلامية 1 ثالثة ارشاد سياحى
P. 96

‫الخارجية يقوم على أساس واسع يير الأساس الذي قام عليه نشاط الطولونيين أو‬
                                                                      ‫الإخشيديين‪.‬‬

                 ‫بلاد الحجاز بين الفاطميين والعباسيين‬
                     ‫‪.......................................‬‬

‫حظيت بلاد الحجاز بأهمية كبيرة في مختلف عصور التاريخ الإسلامي ‪ ،‬فتطلع‬
‫إليها كبار الخلفاء والحكام ‪ ،‬وريبوا في بسط حمايتهم عليها ‪ ،‬لا طمعاً في ثروتها –‬
‫فهي في تلك العصور أفقر من أن تستثير أطماع الطامعين ‪ -‬وإنما ريبة في الظهور‬
‫أمام المسلمين جميعاً في صورة حماة الحرمين‪ .‬وإذا كان الخلاف المذهبي قد بلذ أشده‬
‫بين الخلافتين العباسية والفاطمية ‪ ،‬فإنه كان من الطبيعي أن يحتدم التنافس بين هاتين‬
‫القوتين حول السيطرة على الحجاز ‪ ،‬وهو التنافس الذي كان في حقيقته يستهدف‬

                                                        ‫الفوز بين عامة المسلمين ‪.‬‬

‫وشاءت الظروف أن يشتد التنافس على أيام الخليفة المعز لدين الله الفاطمي بين‬
‫بنى الحسن وبنى جعفر بن أبي طالب في الحجاز‪ .‬وكان أن رأى المعز بثاقب بصرة في‬
‫تلك الأحداث فرصة ذهبية لمد نفوذه إلى بلاد الحجاز على حساب القوتين المتنافستين ‪،‬‬
‫فأرسل من شمال أفريقية سفارة إلى الحجاز سنة ‪ 348‬هـ ‪959 /‬م نجحت في عقد‬
‫صلح بين الطرفين المتخاصمين ‪ ،‬وقام رسل الخليفة الفاطمي بدفع دية قتلى بنى‬
‫الحسن مما ترك أثراً طيباً في قلوب الجميع‪ .‬ولم يلبث أن نجح جوهر الصقلي في فتح‬
‫مصر سنة ‪ 358‬هـ ‪969 /‬م ‪ ،‬فشجع ذلك أمراء مكة والمدينة على الدعوة للخليفة‬
‫المعز على منابرهما بدلاً من الخليفة العباسي‪ .‬ومن ناحية أخرى ‪ ،‬فقد استغل الخليفة‬
‫المعز الموقف وبادر بإرسال الأموال والعطايا إلى الحرمين ‪ ،‬وبذلك مكن لنفسه في بلاد‬
‫الحجاز‪ .‬ولا يخفى علينا أن الحجاز ربطته بمصر بالذات روابط متينة منذ فجر الإسلام‬
‫‪ ،‬هذا إلى أن القاهرة من ناحية الموقع الجغرافي كانت أكثر قرباً من الحجاز وأشد‬
‫اتصالا به من بغداد ‪ ،‬الأمر الذي جعل الخلفاء الفاطميين في مصر في مركز أقوى من‬

     ‫الخلفاء العباسيين في بغداد ‪ ،‬وذلك في حلقة التنافس حول السيطرة على الحجاز‪.‬‬

‫ومع ذلك فإنه لا يخفى علينا أن بلاد الحجاز لها وضعها الخاص ‪ ،‬فهي وإن كانت‬
‫أقرب إلى مصر منها إلى العراق إلا أنه يفصلها عن مصر بحر وصحراء ‪ ،‬الأمر الذي‬
‫كان يتطلب من الفاطميين جهداً خاصاً متواصلاً لضمان الاحتفاظ بنفوذهم في تلك البلاد‪.‬‬
‫هذا بالإضافة إلى ما كان هناك من تنافس داخلي بين أمراء الحجاز ‪ ،‬وهو تنافس جعل‬
‫من المتعذر على الخلفاء الفاطميين في القاهرة إرضاء جميع الأطراف المتنافسة ‪ ،‬مما‬
‫هدد بخروج بعضهم عن طاعة الفاطميين بين الحين وآخر‪ .‬فإذا أضفنا إلى ذلك أن‬

                                              ‫‪96‬‬
   91   92   93   94   95   96   97   98   99   100   101