Page 99 - تاريخ مصر الإسلامية 1 ثالثة ارشاد سياحى
P. 99
البيت السلجوقي الكبير ،ومن تلك البيوت ظهرت وحدات سياسية أطلق عليها اسم
أتابكيات ،وعلى أصحابها اسم أتابك ،وبع هذه الوحدات صغيرة جداً لا تتعدى
حدودها أسوار مدينة أو قلعة واحدة.
ومن أبرز الأتابكيات أتابكية دمشق – ومؤسسها ظهير الدين طغنكين .وقد
استمرت من سنة 498حتى 549هـ 1154 – 1104 /م ،أما أتابكية الموصل
فمؤسسها عماد الدين زنكي ،وقد استمرت من سنة 521حتى سنة 661هـ (1127
– 1262م).
وإلى زنكي هذا ترجع البذور الأولى للجبهة الإسلامية المتحدة في الشرق الأدنى ،
لأنه كان يحمل تقليداً من سلطان السلاجقة بحكم حلب فضلاً عن الموصل ،ومعنى ذلك
أن نفوذه امتد من شمال العراق إلى شمال الشام .وكان زنكي يتطلع إلى إتمام الجبهة
الإسلامية عن طريق ضم الإمارات الإسلامية المجاورة – وبخاصة أتابكية دمشق –
لولا قتله المفاجئ سنة 541هـ1146 /م بعد سنتين من استيلائه على الرها من
الصليبيين.
ولكن نور الدين محمود – ابن عماد الدين زنكي – حمل الأمانة ،واستولى على
دمشق سنة 549هـ1154 /م ومن ثم أخذ يتطلع إلى مصر لتمتد الجبهة الإسلامية
المتحدة من الفرات إلى النيل.
ولم تلبث أن يدت مصر – كما سنرى بالتفصيل بعد أسطر قليلة – ميداناً لصراع
طويل بين قوات نور الدين محمود وقوات الصليبيين ،في الوقت الذي كانت الخلافة
الفاطمية نفسها لا تقوى على مجرد الحركة .وهذا يتطلب منا إلقاء نظرة سريعة على
موقف الصليبيين – الذين استقروا في بلاد الشام – من مصر وأرض النيل.
مصر والحروب الصليبية
...........................
ترتب على الحركة الصليبية التي بدأت في أواخر اقرن الخامس الهجري (الحادي
عشر للميلاد) نتائج بعيدة المدى في تاريخ الشرق والغرب جميعاً ،ويهمنا من هذه
النتائج في دراستنا هذه ما يرتبط بالجانب السياسي .ذلك أن الأوضاع السياسية في
البلدان الإسلامية في الشرق الأدنى تعرضت لتغيرات وتطورات سريعة منذ وصول
الصليبيين إلى الشام ،وهذه التغييرات والتطورات إنما جاءت إلى حد كبير وليدة الخطر
الصليبي .فالصليبيون أنفسهم قضوا على كثير من الأتابكيات والإمارات الصغرى التي
كانت قائمة في بلاد الشام عند وصولهم إلى تلك البلاد.
99