Page 98 - تاريخ مصر الإسلامية 1 ثالثة ارشاد سياحى
P. 98

‫ويستمر القلقشندي في سرد تلك القصة الطويلة ‪ ،‬التي توضح كيف أن الدولة‬
‫الفاطمية في عصرها الثاني لم تتمتع بنفوذ دائم مستمر في الحجاز ‪ ،‬وإنما كثيراً ما‬
‫انكمش نفوذها هناك ليحل محله النفوذ العباسي أو من هيمنوا على مصائر الخلافة‬
‫العباسية كالبويهيين ثم السلاجقة‪ .‬وظل الأمر على ذلك حتى وفاة الخليفة العاضد آخر‬
‫الخلفاء الفاطميين وقيام دولة صلاح الدين يوسف بن أيوب فخطب له بالحرمين‬

                                                                      ‫الشريفين ‪.‬‬

                    ‫بداية النهاية للدولة الفاطمية (‪)19‬‬
                       ‫‪................................‬‬

‫لقد شهدت منطقة الشرق الأدنى فى أواخر العصر الفاطمي تحولا خطيراً نتيجة‬
‫لنجاح الصليبيين في الاستقرار في قلب تلك المنطقة‪ .‬وقد سبق أن أشرنا إلى أن الدولة‬
‫الفاطمية كانت في خريف عمرها عندما ظهر الخطر الصليبي ‪ ،‬وكيف أنها عجزت عن‬
‫فهم طبيعة ذلك الخطر في الوقت المناسب ‪ ،‬بل فشلت في صد هذا الخطر وفي حماية‬

                                                                       ‫نفسها منه‪.‬‬
‫ومعنى هذا كله أنه صار عليها أن تتنحى ‪ ،‬وتفسح المجال لقوة أخرى فتية تحل‬

                                         ‫محلها ‪ ،‬وتستطيع أن تنه بأمانة الجهاد‪.‬‬
‫وزاد الموقف سوءاً بالنسبة للمسلمين في الشرق الأدنى في أواخر القرن الخامس‬
‫الهجري (الحادى عشر للميلاد) تفكك دولة السلاجقة بعد وفاة السلطان ملكشاه سنة‬
‫‪ 485‬هـ ‪1092 /‬م ‪ ،‬وهي الدولة التي سبق أن نفخت في العالم الإسلامي في الشرق‬
‫الأدنى روحاً جديدة مكنت المسلمين من الصمود في وجه الروم ‪ ،‬بل مهاجمتهم في‬
‫عقر دارهم‪ .‬وكان أكبر مظهر لانحلال سلطان السلاجقة – وخاصة في بلاد الشام‬
‫والعراق – ظهور عدد كبير من البيوت الحاكمة ‪ ،‬لا تجمعها رابطة إلا الإنتساب إلى‬

‫(‪ )19‬د‪ .‬جمال الدين الشيال ‪ :‬مصر فى العصر الفاطمى ‪ ،‬مقال فى كتاب تاريخ الحضارة‬
‫المصرية ‪ ،‬ج ‪ ، 2‬العصر اليونانى والرومانى والعصر الإسلامى ‪ ،‬ص ‪( ، 457- 454‬‬

                                                                       ‫بتصرف ) ‪.‬‬

                                              ‫‪98‬‬
   93   94   95   96   97   98   99   100   101   102   103