Page 151 - merit 49
P. 151

‫تجديد الخطاب ‪1 4 9‬‬

‫هربرت‪ .‬أ‪ .‬شيللر‬  ‫هارولد لاسويل‬                       ‫نعوم تشومسكي‬          ‫التي من بين أدواتها وآلياتها‬
                                                                                               ‫الإعلام‪.‬‬
 ‫الغربي لا يختلق الأباطيل‪ ،‬فنحن‬          ‫منذ أبطال صوت العرب قبل‬
‫الذين نغضب لكشف عوراتنا‪ ،‬وما‬            ‫أربعين عا ًما حتى أبطال بعض‬           ‫وهذا ما أكده جوزيف ناي‬
‫هو مستور لدينا‪ ،‬فالصراحة التي‬                                          ‫صاحب كتاب القوة الناعمة بقوله‪:‬‬
‫يعالج بها الإعلام الغربي شؤوننا‬           ‫الفضائيات في يومنا هذا(‪.)41‬‬
                                         ‫ومنه نقول إن هناك من يرى‬       ‫«دولار واحد ينفق لشراء قرص‬
  ‫الداخلية والتي تثير في الأوساط‬       ‫في الإعلام الغربي حاقد وكاره‬     ‫فيديو ‪ DVD‬يحمله شاب أو فتى‬
    ‫الرسمية العربية ردود أفعال‬        ‫للعرب‪ ،‬يغمض عينيه عن كل ما‬
                                      ‫هو إيجابي ويلاحق كل صغيرة‬            ‫إيراني بمواجهة سلطة رجال‬
 ‫سلبية‪ ،‬يستهوي في الوقت نفسه‬              ‫وكبيرة ليضخمها ويبالغ في‬         ‫الدين في معركة حرب الأفكار‬
 ‫أوساط العامة والمثقفين(‪)..( .)42‬‬       ‫تضخيمها‪ ،‬يفتقر إلى التحليل‪،‬‬         ‫أجدى وأفضل بأضعاف من‬
                                                                          ‫دفع ‪ 600‬دولار لشراء أسلحة‬
   ‫لكن الثابت هو أننا أمام قضية‬            ‫ويكتفي بالنظرة السطحية‬        ‫وموارد للمواجهة العسكرية مع‬
  ‫لا يمكن أن ندير رؤوسنا عنها‪،‬‬             ‫للأمور خاصة فيما يتصل‬
   ‫الإعلام الغربي حقيقة ضخمة‪،‬‬              ‫بالجانب الاجتماعي‪ ،‬فتأتي‬                         ‫إيران»(‪.)40‬‬
                                     ‫مواده الإعلامية مشوهة مبتورة‪،‬‬        ‫لقد جعلت ثورة الاتصالات من‬
       ‫كبيرة في حياتنا السياسية‬       ‫تدفع بمتلقيها ليحقد على العرب‬     ‫الإعلام اليوم وسيلة تفوق قوتها‬
    ‫والثقافية ولن تنفع محاولات‬         ‫والمسلمين عن وعي أو عن غير‬
    ‫التقليل من شأنه وقدرته على‬           ‫وعي‪ ،‬وأن الإعلام الغربي في‬        ‫وقدرتها قوة الجيوش‪ ،‬عكس‬
   ‫الإساءة إلينا‪ ..‬إنه قوة هائلة لا‬    ‫مواقفه السياسية هو في الكثير‬       ‫ما كان ساب ًقا فما كانت تنشره‬
   ‫قبل لنا بها‪ ،‬عريقة في النشوء‪،‬‬      ‫من حالاته‪ ،‬ترديد لما يسعى إليه‬
     ‫مذهلة في التطور‪ ،‬كاسحة في‬        ‫أعداء الإسلام وأعداء العرب من‬         ‫جريدة صادرة في باريس أو‬
‫التأثير‪ ،‬تغطي القارات الخمس بلا‬      ‫إساءات‪ ،‬قد يقول قائل إن الإعلام‬   ‫نيويورك يظل محصو ًرا في قرائها‬
 ‫منازع لتزرع في أذهان الشعوب‬                                           ‫التقليديين‪ ،‬لكن مع ظهور أعجوبة‬
  ‫ما تشاء من الصور‪ ،‬وتدفع بهم‬                                          ‫الأقمار الصناعية والبث الفضائي‬

                                                                          ‫وشيوع الإنترنت‪ ،‬أصبح المقال‬
                                                                       ‫الذي يحمل الأذى والبهتان جاه ًزا‬

                                                                            ‫لمن يسعى إليه خلال ساعات‬
                                                                            ‫من صدوره‪ ،‬وإلى جانب هذا‬
                                                                          ‫الإحساس بالانبهار مما وصل‬
                                                                       ‫إليه العالم يغمرنا إحساس بالعجز‬
                                                                            ‫والإحباط‪ ،‬مع ما نشهده من‬
                                                                       ‫قصور الإعلام العربي في مواجهة‬
                                                                         ‫هذا الجبروت‪ ،‬فشعوب العالم لا‬
                                                                          ‫تعرف عنا وعن قضايانا إلا ما‬

                                                                              ‫تتلقاه من الإعلام الغربي‪.‬‬
                                                                         ‫الحال هوأن وسائل إعلامنا على‬

                                                                            ‫ضعف حالها‪ ،‬وانغلاقها على‬
                                                                           ‫نفسها‪ ،‬وعجزها عن الانطلاق‬
                                                                           ‫عالميًّا قد أصبح بعضها مجا ًل‬

                                                                              ‫للمزايدات وحرب المواقف‬
                                                                        ‫والتضليل‪ ،‬لا تجرؤ على مكاشفة‬
                                                                         ‫المواطن العربي بالحقائق‪ ،‬وهي‬
                                                                         ‫التي جعلت منه رهينة لمبالغاتها‬
   146   147   148   149   150   151   152   153   154   155   156