Page 147 - merit 49
P. 147

‫تجديد الخطاب ‪1 4 5‬‬

‫هتلر وجوبلز‬                                                                 ‫انتهاء الحرب العالمية الثانية‬
                                                                           ‫بالدور الخطير الذي يمكن أن‬
 ‫الأحزاب المناوئة (‪ )..‬وقد لعبت‬       ‫الناس يصدقون أي شيء إذا تم‬            ‫يؤديه الإعلام الدولي لصالح‬
 ‫الدعايات دو ًرا بار ًزا في الحرب‪،‬‬   ‫تكراره لهم وبشكل قاطع‪ )..( ،‬لم‬      ‫الكيانات السياسية‪ ،‬ونجحوا في‬
‫وكنت أراقب نشاط العدو في هذا‬         ‫يخترع أدولف هتلر كلمة الدعاية‪،‬‬    ‫توجيه العمل الإعلامي نحو تمرير‬
‫الميدان‪ ،‬أكاد أنفجر غي ًظا لإغفالنا‬                                         ‫المخططات السياسية العالمية‬
                                            ‫فهي كانت شائعة في أيامه‬       ‫عبر شن الحروب النفسية ضد‬
      ‫خطر هذا الفن الفعال»(‪.)23‬‬      ‫واستخدمت كثي ًرا قبله خصو ًصا‬        ‫المناوئين‪ ،‬ولعل أبرز مثال على‬
     ‫لذلك عندما وصل هتلر إلى‬         ‫خلال الحرب العالمية الأولى‪ ،‬لكنه‬   ‫ذلك الحرب الباردة بين المعسكر‬
       ‫السلطة‪ ،‬حرص فو ًرا على‬         ‫كان الوحيد الذي طبقها من دون‬
‫استحداث وزارة الدعاية وسلمها‬                                                 ‫الشرقي والمعسكر الغربي‪،‬‬
                                         ‫حدود‪ ،‬واستخدمها على نطاق‬        ‫وكذلك ما يسمى اليوم بالحرب‬
               ‫لجوزيف غوبلز‪.‬‬                             ‫واسع»(‪.)22‬‬    ‫العالمية ضد الإرهاب التي تقودها‬
   ‫كان ولا يزال احتكار السلطة‬
                                       ‫ففي كتابه (كفاحي) الذي كتبه‬           ‫الولايات المتحدة الأميركية‪.‬‬
      ‫السياسية لوسائل الإعلام‬             ‫في السجن‪ ،‬قبل أن يصل إلى‬        ‫ففي الحربين العالميتين جيشت‬
    ‫وفرض هيمنتها الكاملة على‬             ‫السلطة‪ ،‬أورد هتلر كثي ًرا من‬
‫الوسائط الإعلامية المختلفة‪ ،‬أداة‬                                            ‫الدول المشاركة فيها وسائل‬
 ‫رئيسية في الترويج للسياسات‬           ‫آرائه حول الحاجة للسيطرة على‬            ‫الإعلام في عملية الحملات‬
   ‫الرسمية‪ ،‬ومهاجمة الخصوم‬            ‫العقول بهدف النجاح‪ ،‬عن طريق‬
 ‫السياسيين‪ ،‬وتشويه صورتهم‪،‬‬            ‫السيطرة على الإعلام‪ ،‬يقول فيه‪:‬‬   ‫الدعائية التي استهدفت هز الكيان‬
    ‫وتعبئة وتوجيه الرأي العام‪،‬‬         ‫«كانت الدعاية على جانب عظيم‬          ‫النفسي والتنظيمي للخصم‪،‬‬
‫وحشده لخدمة أهداف القابضين‬
‫على السلطة في هذا البلد أو ذاك‪.‬‬          ‫من الأهمية‪ ،‬فهي أداة لتنوير‬    ‫وعرضه في أسوأ صورة ممكنة‪،‬‬
   ‫فالدعاية مث ًل تستعمل لجلب‬        ‫الأذهان من جهة ولخداع من يراد‬            ‫وشحن الجمهور بمشاعر‬
  ‫عدد كبير من الأفراد لتأييد أو‬       ‫خداعهم من جهة ثانية‪ ،‬وقد لفت‬                  ‫الكراهية تجاهه(‪.)21‬‬
    ‫معارضة مشروع أو قائد أو‬
                                        ‫نظري أن الأحزاب الاشتراكية‬       ‫يقول المؤرخ البريطاني روبرت‬
                                           ‫والماركسية كانت تتقن هذا‬     ‫أنسور الذي عايش فترة النازية‪،‬‬

                                       ‫الفن الذي لم يتعلمه سواهم من‬       ‫في استخدام هتلر للدعاية‪« :‬إن‬
                                                                          ‫هتلر لا يضع حدو ًدا على كيفية‬
                                                                       ‫استخدام الدعاية‪ ،‬فهو مقتنع بأن‬
   142   143   144   145   146   147   148   149   150   151   152