Page 145 - merit 49
P. 145

‫‪143‬‬

    ‫عن طريق الاستجابة لرغباته‬              ‫جماهير وسائل الإعلام على‬           ‫بالحق في أن يقرر ما إذا كانت‬
         ‫وميولاته (الحصول على‬          ‫أنها كائنات سلبية يمكن التأثير‬       ‫الرسالة التي تلقاها‪ ،‬ستنتقل إلى‬
                                        ‫فيها مباشرة بواسطة الإعلام‪،‬‬        ‫الحلقات التالية كما هي‪ ،‬أو سيزيد‬
   ‫معلومات‪ ،‬الترفيه‪ ،‬التواصل‪)..‬‬
     ‫لذلك ترى نظرية الاستخدام‬              ‫فالجماهير هي مجرد ذرات‬             ‫عليها أو يحذف منها أو يلغيها‬
                                          ‫منفصلة من كتلة من ملايين‬                                ‫تما ًما(‪.)13‬‬
  ‫والإشباع أن الجمهور يستخدم‬           ‫القراء والمشاهدين والمستمعين‪،‬‬
   ‫المواد الإعلامية لإشباع رغبات‬     ‫مهيأون دائما لاستقبال الرسائل‪،‬‬        ‫‪ -4‬نظرية الرصاصة أو الحقنة‬
   ‫معينة‪ ،‬قد تكون الحصول على‬           ‫التي تشكل كل منها منب ًها قو ًّيا‬                 ‫تحت الجلد(‪:)14‬‬
  ‫المعلومات أو الترفية أو التفاعل‬     ‫ومباش ًرا‪ ،‬يدفع المتلقي إلى القيام‬
   ‫الاجتماعي‪ ،‬وعلى سبيل المثال‪:‬‬         ‫بشيء يسعى القائم بالاتصال‬                 ‫تعتبر نظرية الرصاصة أو‬
  ‫الشخص الميَّال للعنف يستخدم‬          ‫إلى تحقيقه‪ ،‬حتى أن هتلر أرجع‬         ‫الحقنة تحت الجلد رد فعل للفكر‬
  ‫التليفزيون لإشباع هذا الميل من‬      ‫هزيمة ألمانيا في الحرب إلى تأثير‬
‫خلال مشاهدة البرامج التي تتبنى‬           ‫الإذاعة والحرب النفسية التي‬          ‫الغربي‪ ،‬خاصة أنها جاءت بعد‬
  ‫مثل هذا النوع من الميول أي ًضا‪،‬‬       ‫شنتها دول الحلفاء ضد ألمانيا‪.‬‬         ‫الحرب العالمية الأولى بعدما بدأ‬
 ‫نجد الفرد الذي يكون لديه توجه‬           ‫وسميت هذه النظرية بالحقنة‬         ‫الإنسان يفكر في اتباع السبل التي‬
   ‫سياسي فإنه يجد ذاته في ذلك‬          ‫أو الإبرة تحت الجلد لأنها تشبِّه‬        ‫لا تتطلب التدخلات العسكرية‬
   ‫النوع من البرامج ذات التوجه‬        ‫الرسالة هنا بالمحلول الذي يحقن‬        ‫المباشرة على يد «هارولد لاسويل‬
                                      ‫به الوريد‪ ،‬ويصل في لحظات إلى‬
                   ‫السياسي(‪.)16‬‬         ‫كل أطراف الجسم عبر الدورة‬               ‫‪ ،”Harold Lasswell‬والتي‬
       ‫وإذا كانت بعض النظريات‬             ‫الدموية ويكون تأثيره قو ًّيا‪،‬‬           ‫جاءت تحت تأثير المدرسة‬
‫الإعلامية ت َّدعي أن المتلقي له دور‬    ‫بمعنى أن المرسل يتحكم بشكل‬
  ‫في صناعة الرسالة الموجهة إليه‬            ‫كلي بالعملية الاتصالية لأنه‬        ‫النفسية الشائعة آنذاك المتعلقة‬
 ‫وبعضها ينفي ذلك‪ ،‬فالأرجح هو‬            ‫هو الذي يضع الرسالة ويقوم‬           ‫بالمثير والاستجابة التي تفترض‬
 ‫أن هناك أيد خفية تحكم قبضتها‬              ‫بتصميمها وبناءها‪ ،‬ويختار‬           ‫لكل فعل رد فعل‪ ،‬وأن أي منبه‬
   ‫على الإعلام الذي لا يتنفس إلا‬        ‫الوسيلة أو القناة الأكثر تأثي ًرا‬
  ‫بأمر منها‪ ،‬تماشيًا مع توجهات‬        ‫وانتشا ًرا‪ ،‬ويختار كذلك التوقيت‬                ‫يحقق استجابة مؤكدة‪.‬‬
       ‫حيكت في كواليس لا يعلم‬                                                  ‫واعتبرت هذه النظرية وسائل‬
    ‫بخباياها الرأي العام‪ ،‬علما أن‬               ‫والظرف المناسب لها‪.‬‬
 ‫دور الإعلام ‪-‬كما جاء على لسان‬       ‫‪ -5‬نظرية الاستخدام والإشباع‪:‬‬                  ‫الإعلام منب ًها تتعرض له‬
  ‫تشومسكي في كتابه “السيطرة‬                                                   ‫الجماهير وتستجيب له بشكل‬
 ‫على الإعلام”‪ -‬بمثابة العصي في‬           ‫بنا ًء على هذه النظرية فوسائل‬        ‫أو بآخر‪ ،‬و ُع ِّززت هذه النظرية‬
  ‫النظام الشمولي‪ ،‬أي أنه يمارس‬           ‫الإعلام ليست هي التي تحدد‬           ‫بإنشاء أول معهد لتحليل الرأي‬
‫علينا عنفه المضمر بطريقة خادعة‬        ‫للجمهور نوع الرسائل الإعلامية‬
  ‫خاصة إذا تعلق الأمر بمصلحة‬              ‫التي يتلقاها‪ ،‬بل إن استخدام‬            ‫العام الأمريكي عام ‪.1937‬‬
  ‫مادية أوسياسية لجهات معينة‪.‬‬           ‫الجمهور لتلك الرسائل لإشباع‬        ‫ومن أهم الافتراضات التي تقوم‬
      ‫فهي تؤثر في كل جانب من‬            ‫رغباته هو من يتحكم وبدرجة‬           ‫عليها هذه النظرية هي أن مجتمع‬
       ‫جوانب السلوك‪ ،‬كالسلوك‬
 ‫السياسي‪ ،‬والسلوك الاجتماعي‪،‬‬               ‫كبيرة في مضمون الرسائل‬               ‫الاتصال عبارة عن مجموعة‬
      ‫وسلوك المستهلك‪ ،‬والصحة‬           ‫الإعلامية التي تعرضها وسائل‬            ‫من الأفراد يتأثرون على انفراد‬
      ‫والتعليم‪ ،‬والمعارف المهنية‪..‬‬                                          ‫بوسائل الإعلام التي يتعرضون‬
  ‫وبإيجاز أصبح لوسائل الإعلام‬                             ‫الإعلام(‪.)15‬‬        ‫لها‪ ،‬وأن رد الفعل إزاء وسائل‬
                                           ‫وعليه فالجمهور هوالمتحكم‬
                                      ‫فيما يصله من مضامين إعلامية‬              ‫الإعلام يكون فرد ًّيا أكثر منه‬
                                                                           ‫جماعيًّا‪ ،‬بمعنى أن الأفراد يتلقون‬

                                                                               ‫المعلومات من وسائل الإعلام‬
                                                                           ‫مباشرة دون وجود وسطاء‪ ،‬وأن‬
                                                                           ‫ردة فعل الفرد لا تعتمد على تأثره‬

                                                                                                 ‫بالآخرين‪.‬‬
                                                                                 ‫إذن فهذه النظرية تنظر إلى‬
   140   141   142   143   144   145   146   147   148   149   150