Page 152 - merit 49
P. 152

‫على أن يحرك باقي السلط الثلاث‬                                ‫العـدد ‪49‬‬                           ‫‪150‬‬
     ‫المعروفة بقوته‪ ،‬إزاء التدخل‬
                                                                             ‫يناير ‪٢٠٢3‬‬          ‫إلى ما تشاء من المواقف‪.‬‬
   ‫لمعالجة أمور لم تكن لتعالج في‬                                                              ‫فالنظام العالمي الجديد الذي‬
                     ‫منأى عنه‪.‬‬        ‫لم تعد تقام بالحرب العسكرية‬                          ‫تحدث عنه جورج بوش والذي‬
                                    ‫فحسب وإنما في نشرات الأخبار‬                          ‫لم يكن مفهو ًما في بدايته لم يترك‬
   ‫فقد استطاع التأثير في شعوب‬                                                            ‫أي غموض في أعقاب انتهاء حرب‬
   ‫العالم وتشكيل آرائها وتحديد‬           ‫والبرامج الإعلامية الأخرى‬
 ‫توجهاتها وجعلها تابعة للنموذج‬           ‫تجاو ًزا للأساليب التقليدية‪،‬‬                                        ‫الخليج(‪.)43‬‬
   ‫المسطر وترسيخ ثقافة القطيع‬        ‫وهنا نستحضر كيف استطاعت‬                               ‫لأن السلوك الغربي كشف عن‬
  ‫التي تحدث عنها تشومسكي في‬          ‫وسائل الإعلام بنجاعة أن تؤثر‬
  ‫كتابه السيطر على الإعلام سي ًرا‬  ‫في الشعوب الغربية‪ ،‬بعدما عرفت‬                              ‫أسوأ الجوانب في الحضارة‬
                                       ‫كيف تروج صورة حمراء عن‬                                   ‫الغربية‪ ،‬ألا وهي شهوتها‬
     ‫على مجموع المبادئ النظرية‬          ‫الإسلام عبر أقلام الصحف‬
    ‫المسطرة‪ ،‬الشيء الذي أحدث‬         ‫وميكروفونات التليفزيون بدون‬                         ‫الجامحة نحوالسيطرة‪ ،‬وافتتانها‬
     ‫تغيرات كبيرة أدت إلى بروز‬         ‫أي عناء حقيقي مما يفيد بأن‬                         ‫المرضي بامتلاك الأسلحة عالية‬
      ‫نظام عالم جديد‪ ،‬ومن أبرز‬      ‫الدعاية أشد فت ًكا من حد السيف‬                          ‫التقنية‪ ،‬وعدم احترامها لثقافة‬
     ‫التغيرات التي حدثت في بنية‬           ‫لقدرتها على تقرير مصائر‬
  ‫المجتمع العالمي من وجهة النظر‬           ‫الشعوب وتزييف التاريخ‪.‬‬                              ‫الغير‪ ،‬وأنانيتها المفرطة(‪.)44‬‬
    ‫الحضارية هي عملية الانتقال‬            ‫لذلك لن نصف الإعلام إلا‬
 ‫من نموذج المجتمع الصناعي إلى‬           ‫باعتباره مس ِّكنًا للوجود‪ ،‬في‬                           ‫الخاتمة‬
  ‫نموذج مجتمع المعلومات العالمي‪،‬‬   ‫حجراته تولد أفكار‪ ،‬وعلى منصاته‬
  ‫إلى مجتمع المعرفة الذي في إطاره‬     ‫تجسد أيديولوجيات وقوانين‪،‬‬                               ‫نافلة القول‪ ،‬لقد صار العالم‬
     ‫تتشكل أنساق فكرية وثقافية‬          ‫وتدار معارك‪ ..‬وفي اعتقادنا‬                             ‫بعد دخول وسائل الإعلام‬
‫وقيمية جديدة لم ولن يكون العربي‬        ‫الخاص‪ ،‬ليس الإعلام بسلطة‬                               ‫على الخط عبارة عن مجتمع‬
                                      ‫رابعة من ناحية الترتيب وإنما‬                            ‫مصغر تتناسل فيه الأخبار‬
        ‫بمنأى عنها وعن تأثيراتها‬        ‫نرى فيه سلطة أولى‪ ،‬ولنا في‬                            ‫والمعلومات وتنتشر انتشار‬
                                    ‫مجموعة من الوقائع التي حدثت‬
                                      ‫في العالم مؤخ ًرا خير دليل على‬                        ‫النار في الهشيم بسرعة ودقة‬
                                       ‫ذلك‪ ،‬حيث كان الإعلام قاد ًرا‬                      ‫متناهيتين‪ ،‬بشكل أصبح معه أداة‬

                                                                                           ‫تسخر من طرف ُملاك السلطة‪،‬‬
                                                                                            ‫وواضعي القرارات والقوانين‬
                                                                                              ‫لكسب العقول والقلوب التي‬
   147   148   149   150   151   152   153   154   155   156   157