Page 267 - merit 49
P. 267

‫‪265‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫حوار‬

     ‫يا ابني اكت ْب عن ناس‬           ‫واحد يحب يكتب رواية يروح لها‬       ‫الثقيل ليد السلطة الغليظة عليهم‪.‬‬
    ‫محترمين‪ ..‬من يقرأ لها‬                                  ‫مكانها»!‬    ‫الذي يتاجر في المخدرات يقول إنه‬
‫رواياتك؟ وكيف يقرأ بسطاء‬                                                 ‫يسعد الناس‪ ،‬بل ويقول بسعادة‬
                                        ‫في الليلة التي عدت فيها‪ ،‬كنت‬
      ‫قريتك ما تكتب؟ وهل‬               ‫بالمقهى وحي ًدا مع شخص آخر‬           ‫إنه يقف مناض َل ضد تجارة‬
          ‫يقرؤونك أص ًل؟‬              ‫يجلس على مقربة‪ ،‬فجأة انفتحت‬           ‫البودرة فيتحول إلى مناضل‬
                                      ‫فوهة الجمال ودخل عشر نساء‬        ‫محلي‪ ،‬ثم حين يضيف أن البودرة‬
    ‫ههه‪ ،‬نعم‪ ،‬كتبت قصة عن أحد‬           ‫يلبسن من تحت الصدر لتحت‬         ‫تأتي من إسرائيل عدوتنا الأبدية‬
 ‫الشخصيات من القرية‪ ،‬شخصية‬           ‫الحقوين‪ ،‬هنا صاح الشخص إياه‬          ‫فيتحول لمناضل وطني‪ ،‬من هنا‬
                                    ‫وقال‪ :‬كتيبة المجاهدات وصلت‪ ،‬من‬         ‫تأتي الكوميديا السوداء‪ ،‬التي‬
      ‫مفعمة بالدراما وبالكوميديا‬                                       ‫يعيش فيها أصحابها كأنهم أبطال‪،‬‬
     ‫السوداء‪ ،‬حكى لها أحد الذين‬                    ‫هنا بدأت الرواية‪.‬‬     ‫لكن الحقيقة أن هناك عالمًا كام ًل‬
  ‫يقرؤون عنه‪ ،‬وهي تعتبره فس ًل‬       ‫باب الليل باب الانكسارت العربية‬   ‫يقوم بجريمته على حساب راحتك‪.‬‬
  ‫لا يستحق أن يذكر في كتاب‪ ،‬ولا‬
  ‫يليق بي أن أكتب عنه‪ ،‬ويجب أن‬          ‫والكوابيس التي عشناها طول‬         ‫لماذا تريد أن ُتدفن معك‬
   ‫أكتب عن محترمين كأنني أقدم‬                                ‫عمرنا‪.‬‬     ‫مجموعتك الأولى وروايتاك‬
 ‫للناس كتبهم يوم القيامة‪ ،‬فدخلت‬                                        ‫«ألعاب الهوى» و»باب الليل»‬
     ‫علينا وقالت قولتها الشهيرة‪.‬‬    ‫بالمناسبة جابر عصفور عندما جاء‬      ‫في القبر؟ لماذا هذه الأعمال‬
     ‫لا أحد يقرأ في العالم العربي‪،‬‬    ‫وزي ًرا طلب تأجيل إعلان جوائز‬
‫حاولت بكل الطرق أن أوسع دائرة‬        ‫الدولة التي كانت جاهزة للتوقيع‬                      ‫بالذات؟‬
‫القراءة في محيطي‪ ،‬أقل القليل يقرأ‪،‬‬     ‫في السنة الوحيدة التي تم فيها‬
    ‫والسلفيون والإخوان يكرهون‬         ‫عمل مسابقة‪ ،‬وتم تجاوز مسألة‬         ‫ألعاب الهوى نعم‪ ،‬ربما أحاول‬
 ‫الروائيين وهم متمترسون في كفر‬         ‫التصويت الحقيرة‪ ،‬ولم يشطب‬         ‫أن أواجه الملكين بما واجههما به‬
    ‫الشيخ‪ ،‬البذرة السلفية تعشش‬          ‫على اسم سواي وأنا الرابح في‬     ‫الشيخ حامد بطلها حين قال لهم‬
‫كلها في مطروح‪ ،‬تحركت واستولت‬           ‫الرواية ووضع بد ًل مني سمير‬     ‫إنه لولاه لما عرف الناس في المنطقة‬
 ‫على منطقة كبيرة بالإسكندرية ثم‬                                        ‫شيئًا عن الله «من غيري ماكانوش‬
‫البحيرة وعرجت على الكفر‪ ،‬البعض‬      ‫عبد الباقي‪ ،‬أنا أحب سمير وسعيد‬
‫ينظر لي مستخ ًّفا لأنه كان يمكن أن‬      ‫لأجله‪ ،‬لكن هذا ما حدث وقال‬                          ‫هيعرفوه»‪.‬‬
‫أكون عضو البرلمان وبد ًل من ذلك‬        ‫وحيد ما زال صغي ًرا في السن‪.‬‬      ‫ألعاب الهوى بها فكرة أتمنى أن‬
 ‫لحقتني الخيبة فذهبت إلى الشعر‪،‬‬         ‫مجموعتي الأولى خلف النهاية‬       ‫أعثر على مثيلتها يو ًما ما‪ ،‬أكتبها‬
   ‫قالها لي واحد تافه وهو يضحك‬          ‫بقليل جاءت في وقت كان جيل‬      ‫وأترك كتابة الرواية‪ ،‬أحيا ًنا أشعر‬
   ‫بسخرية باعتبار أن الشعر هذا‬                                           ‫أن عالمها البكر بأسطورة الخلق‬
                                    ‫التسعينيات الإقصائي يسيطر على‬         ‫فيها لا يتكرر مرتين في العمر‪،‬‬
                   ‫دنيا المجانين‪.‬‬     ‫كل شيء‪ ،‬ربما لذلك تم إقصاؤه‬        ‫باللغة العضوية كما يقول فتحي‬
    ‫وأنت تعرف موقع الشعراء في‬            ‫كله‪ ،‬وكتب عنها وقتها الحبر‬    ‫عبد الله‪ ،‬بقاموس الدلتا الذي جعل‬
                                     ‫الأعظم للحساسية الجديدة إدوار‬     ‫لها طع ًما خا ًّصا وإن عطل قراءتها‬
      ‫القرى رغم محاولات محمد‬
    ‫الشهاوي هناك في كفر الشيخ‬       ‫الخراط رغم أنه كان محا ًطا برهط‬                ‫عربيًّا بعض الشيء‪.‬‬
    ‫ليكون مح ًّجا‪ ،‬لكن في رأيي لن‬       ‫كبير‪ ،‬وصنعت بحالتها ولغتها‬         ‫باب الليل أشعر أنها أيقونتي‪،‬‬
  ‫يحظى واحد منهم بجنازة جيدة‬                                              ‫الرواية التي تركت المصاري في‬
                                      ‫مكا ًنا عنده رغم أنني لم أكن من‬   ‫قطر وعدت لتونس لأكتبها‪ ،‬حتى‬
                      ‫مهما فعل‬                            ‫حوارييه‪.‬‬     ‫أن جابر عصفور قال لي‪« :‬هو كل‬

                                        ‫قلت إن والدتك قالت لك‬
                                     ‫بلهجة زاجرة‪ ،‬وأنت جالس‬

                                        ‫وسط خمسين شخ ًصا‪:‬‬
   262   263   264   265   266   267   268   269   270   271   272