Page 262 - merit 49
P. 262

‫العـدد ‪49‬‬                           ‫‪260‬‬

                                     ‫يناير ‪٢٠٢3‬‬

   ‫قبل‪ ،‬جميل في الفن أن تنسى ما‬      ‫الوهاب نفسه عن الإلهام الموسيقي‬      ‫اللبنانية بموسيقى فرحة حتى لو‬
  ‫فعلته لتتجدد‪ ،‬لتكون مثل شاعر‬       ‫الذي لم يؤت لأحد كما أعطي لبليغ‬       ‫كان الكلام حزينًا‪ ،‬حتى لو اعتبر‬
‫خلف الأحمر الذي يحفظ ألف بيت‬
‫وهذا سهل عليَّ‪ ،‬ثم عليه أن ينساها‬        ‫حمدي مث ًل‪ ،‬يمد يده في الهواء‬        ‫صديقي الشاعر الجميل عماد‬
   ‫وهذا صعب عليَّ‪ ،‬ما زلت أحفظ‬           ‫فيعثر على نغمة الرواية‪ ،‬يتعب‬     ‫أبو صالح أنه غناء كغناء البحارة‬
 ‫قصائد عبد المنعم رمضان وفريد‬        ‫عبد الوهاب ليصل إليه ولكن حين‬          ‫يسقط ويذوب في ملوحة البحر‪،‬‬
                                      ‫يصله يستغله أفضل من الجميع‪،‬‬        ‫فالبهجة التي يمنحها للروح تكفي‪،‬‬
     ‫أبو سعدة وريتسوس وجمال‬             ‫هذا الإلهام أو المصروف هو ما‬
 ‫القصاص وسعدي يوسف وامرؤ‬              ‫كان مصطفى ينتظره ويجدده كل‬             ‫أخذنا كفايتنا من أغاني الهجر‬
                                      ‫ليلة‪ ،‬ما من آية على شاكلتها مهما‬   ‫والعذاب وعوقبنا في النهاية بعمرو‬
    ‫القيس ومروان علي‪ ،‬حتى أنني‬       ‫قرأها مرات‪« ،‬مسلمات مؤمنات‪»..،‬‬
       ‫أحفظ قصيدة لعفيفي مطر‪.‬‬            ‫قرأها حسب الموجود ‪ 63‬مرة‪،‬‬         ‫دياب وتامر حسني أفندي‪ ،‬حتى‬
      ‫شرعت الآن في كتابة رواية‪،‬‬                                          ‫كلام الأغاني‪ ،‬طلال حيدر وميشيل‬
                                                              ‫صعب‬
  ‫فكرت للحظة بعد أن أنتهي منها‪،‬‬      ‫أن تتشابه إحداها مع الأخرى رغم‬        ‫طراد وحتى جوزيف حرب رغم‬
      ‫أن أتخيل كتابة أن هتشكوك‬                                           ‫وقوفه مع نظام الأسد‪ ،‬تخيل حالك‬
                                             ‫أن ذلك في غاية الصعوبة‪،‬‬
   ‫سيخرجها‪ ،‬وأكتب بين المشاهد‬           ‫هل هذا يسري في لاوعيي أثناء‬         ‫مع زياد رحباني وحده فالعالم‬
  ‫تصوري لعين هيتشكوك وأظهر‬                                                 ‫متسع‪ ،‬جميل أنني ولدت في عالم‬
 ‫يده وهي تشير على تعديل الفصل‬                     ‫كتابة جملة الرواية؟‬       ‫به زياد وجمالات شيحة وأحمد‬
                                                              ‫أتمنى‪.‬‬      ‫التوني وجوزيف صقر‪ ،‬وفيروز‪،‬‬
    ‫الذي كتبته لمشهد يخرجه هو‪.‬‬
    ‫في هذه الحالة نحن أمام رواية‬        ‫كان حلمك دائ ًما أن تكتب‬                            ‫نعم وفيروز‪.‬‬
  ‫أخرى‪ ،‬لكن تخيل لو أنني فعلتها‬             ‫السينما «كلها» داخل‬           ‫مصطفى إسماعيل فلتة من فلتات‬
     ‫وفازت مث ًل بجائزة‪ ،‬سيخرج‬
‫علينا شماشرجية الجوائز والحقدة‬           ‫النص من أول جملة إلى‬                ‫الزمن كله‪ ،‬هذا الذي يقرأ مرة‬
    ‫والذين تتكدس لغتهم بأكياس‬         ‫الموسيقي وأدوار الممثلين‪-‬‬           ‫«وسارعوا» ثم يقرؤها بدون واو‪،‬‬
  ‫الرمل‪ ،‬ليقولوا إنها نفس الرواية‬     ‫الشخصيات‪ -‬والمونتاج من‬
                                     ‫تقطيع وفلاش باك والزوم‪..‬‬                ‫الفرق في درجة الأمر أو الحث‬
              ‫مع بعض الرتوش‪.‬‬                                                  ‫والترغيب‪ ،‬هذا كلام يدخل في‬
    ‫أعرف أن السؤال‪ :‬هل يجب أن‬             ‫وغيرها‪ ،‬وهل ترى أنك‬              ‫الكتابة‪ ،‬في جملة الرواية نفسها‪،‬‬
 ‫يعيقني ذلك عن تنفيذ ما انتويت؟‬                 ‫نجحت في ذلك؟‬              ‫لا أبالغ ولا أدعي أنني أفعل مثله‪،‬‬
                                                                          ‫وبعي ًدا عن النص المقدس أنا أتكلم‬
                   ‫لا‪ ،‬بالطبع لا‪.‬‬         ‫لا أعرف‪ ،‬أنا قلت إنني أحلم‪،‬‬      ‫عن حمولة اللفظ وحمولة الجملة‬
     ‫وربما في لحظة حين قلت هذا‬       ‫وفيلليني يقول‪ :‬لا شيء أصدق من‬           ‫وحمولة اللغة وطريقة التعبير‬
                                                                           ‫بها وعنها‪ ،‬تلك القراءة التعبيرية‬
        ‫الكلام كنت أتخيل روايتي‬        ‫حلم‪ ،‬الأحلام عندي مثل الأوهام‬        ‫الفاتنة‪ ،‬حتى محمد عبد الوهاب‬
    ‫سينمائيًّا وأنا أكتبها حتى أنني‬   ‫لا تنتهي أب ًدا‪ ،‬ربما قلت ذات يوم‬    ‫حين كان يتحدث عنه لم يتحدث‬
‫ضبطت نفسي غير مرة في روايتين‬           ‫إنني لو ولدت في القاهرة لصرت‬        ‫عن الصوت الحلو‪ ،‬فعبد الباسط‬
    ‫لا أكتب الفصل الأول بل أكتب‬                                            ‫أجمل الأصوات‪ ،‬لكنه تحدث عن‬
                                                            ‫مخر ًجا‪.‬‬        ‫إدارة الصوت‪ ،‬متى يتوقف‪ ،‬من‬
                   ‫المشهد الأول!‬        ‫سينمائيًّا‪ ،‬ربما حاولت أن أفعل‬     ‫أين يبدأ‪ ،‬حتى مصطفى نفسه لا‬
    ‫ما رأيك‪ :‬هل رأيت السينما على‬       ‫ذلك مع الرواية بشروطها‪ ،‬ربما‬          ‫يعرف متى سيفعل هذه الليلة‪،‬‬
‫صفحات كاتيوشا أو حذاء فيلليني‬        ‫نجحت في المونتاج‪ ،‬ربما فشلت في‬            ‫إنها درة الفنان الحقيقي‪ :‬أن‬
                                     ‫غيره‪ ،‬نعم حاولت مع الفلاش باك‬        ‫تندهش أنت مما تفعل‪ ،‬وإذا حدث‬
                   ‫أو باب الليل؟‬        ‫ونسيته الآن كأني لم أفعله من‬          ‫سيندهش السامع أو القارئ‪.‬‬
                                                                              ‫لعل ذلك يقودنا إلى كلام عبد‬
‫«ألعاب الهوى» أولى رواياتك‬
‫بعالمها البكر‪ ،‬وقرية الغباشية‬
   257   258   259   260   261   262   263   264   265   266   267