Page 258 - merit 49
P. 258

‫بالقوة في الشارع‪ ،‬كنت أمشي مع‬                       ‫جابر عصفور‬                           ‫إبراهيم عبد المجيد‬
  ‫ابنتي هناك‪ ،‬انتبهت أن هناك من‬
‫تحرش بها لفظيًّا‪ ،‬حين اقتربت منه‬           ‫من طلاق واحتجزها أخوتها‬            ‫هذه الأسئلة المفصلية في حياة‬
                                      ‫لتخدمهم في الدار كانت من القوة‬         ‫الأمة‪ ،‬ومع ذلك رأيت النساء في‬
    ‫وسألته قال لي حرفيًّا‪ :‬واريها‪.‬‬   ‫بحيث طالبت بحقها في الزواج مرة‬           ‫قريتي ينتظرن بالشهور عودة‬
  ‫في مقابل ذلك‪ ،‬نحن الذين نعرف‬                                               ‫أزواجهن من رحلات الصيد أو‬
  ‫قدر المرأة ودورها ونكافح معها‬         ‫ثانية‪ ،‬وحين ووجهت بالصمت‬          ‫القتل‪ ،‬يخرجون لا أحد يعرف متى‬
   ‫من أجله بادئين بأنفسنا نواجه‬          ‫وبعض الازدراء‪ ،‬جمعتنا نحن‬         ‫يعودون‪ ،‬يعودون فقط في الأغاني‬
 ‫بالفيمنست السلبي‪ ،‬أقول السلبي‬       ‫أطفال أخوتها‪ ،‬خلعت لنا سراويلنا‪،‬‬
 ‫حتى لا تخرج علينا واحدة تشرح‬        ‫وربطت حمامة كل واحد منا بعود‬                ‫بالشوق والشبق والخوف‪:‬‬
‫لنا الإيجابي‪ ،‬السيدة الفاضلة التي‬         ‫قش وقالت‪ :‬اذهبوا لأمهاتكم‪.‬‬      ‫«يا جايب خبر الحبيب قصر‪ ،‬يمكن‬
  ‫عشت معها فوق عقدين قالت لي‬            ‫المرأة تتقدم في العالم العربي في‬
                                         ‫رأيي المتواضع‪ ،‬لم تعد تخنقها‬               ‫تكون أحلام وتتفسر»‪.‬‬
    ‫هناك شبه اتفاق كبير على أنك‬         ‫الذكورية إلا في أضيق الأحيان‪،‬‬       ‫أسمر سميَّر وكل الناس حبوني‪،‬‬
  ‫رجل ليبرالي لكني لا أراك كذلك‪،‬‬       ‫تخنقها كما تخنق الرجل سلطات‬          ‫بين المزانق وبين النهد حطوني»‬
‫كنا نشرب القهوة التي صنعتها أنا‬      ‫أخرى تكبلهما م ًعا‪ ،‬لكن المرأة الآن‬     ‫لم يكن عندهن شعارات‪ ،‬الكلام‬
 ‫لكلينا‪ ،‬سألتها لماذا؟ قالت لأنك لا‬    ‫تنتقم من الرجل بسبب الحمولة‬          ‫من القلب للقلب مع بعض الخبث‬
                                         ‫القديمة للذكورة‪ ،‬في بلد عربي‬        ‫الأبيض نظ ًرا لطبيعة البيئة التي‬
               ‫تعطيني العصمة‪.‬‬        ‫قطع شو َطا طوي ًل في حقوق المرأة‪،‬‬
                                         ‫هل لك أن تعرف نسبة الرجال‬                              ‫ولدن بها‪.‬‬
     ‫أُطلق عليك لقب «رئيس‬              ‫المتزوجين الذين يقيمون علاقات‬      ‫أتعاطف مع النساء الضعاف‪ ،‬أحب‬
  ‫جمهورية المقاهي»‪« ،‬ع َّراب‬         ‫خارج الزواج‪ ،‬أخشى أنها تتجاوز‬
  ‫الجمعة»‪ ..‬لماذا لم تستأنف‬                                                  ‫الممتلئات بالحنان‪ ،‬لكنني عشت‬
                                                       ‫الستين بالمائة‪.‬‬        ‫واخترت نساء أقوياء حتى في‬
   ‫لقاءات الجمعة بعد زوال‬            ‫ومع ذلك هناك ردة عندنا كأننا في‬
    ‫أزمة كورونا‪ ،‬وقد كانت‬                                                               ‫حياتي الشخصية‪.‬‬
    ‫ملتقى للأدباء المصريين‬             ‫أيام الجاهلية‪ ،‬شيوخ السلفية في‬        ‫عشت وسط نساء قصم شظف‬
                                      ‫مرسى مطروح قرروا أن يخالفوا‬            ‫العيش ظهورهن‪ ،‬لكنهن تعففن‬
        ‫والعرب؟ وما علاقة‬             ‫الحديث الذي اتفقوا عليه سنوات‬        ‫واستغنين حتى صرن أقوياء من‬
  ‫الكتابة بالمقاهي عندك؟ ألا‬                                                  ‫قوة الاستغناء‪ ،‬وربما بعضهن‬
  ‫تستطيع أن تكتب في غرفة‬                ‫بتغيير المنكر‪ ،‬وقرروا ألا يدعوا‬       ‫استغنى لأنهن لم يجدن غيره‪.‬‬
  ‫مكتبك؟ ألا تشتتك أصوات‬                ‫للحجاب في المساجد بل تطبيقه‬
  ‫الناس والنكات والقفشات‬                                                            ‫لكن هناك جانب آخر؟‪:‬‬
                                                                           ‫عمتي الجميلة الهجالة حين عادت‬
      ‫والنارجيلة في المقهى؟‬

    ‫جئت وحي ًدا للقاهرة‪ ،‬ككثيرين‬
 ‫قدموا من الريف‪ ،‬لكني قدمت من‬
 ‫ريف البراري‪ ،‬غارق في العمق‪ ،‬لا‬
  ‫توجد حتى مفردات للحوار بينه‬
 ‫وبين ريف قريب‪ ،‬أنت سمعت عن‬
‫أسطورة الذئب الذي يدلل ابنه لأنه‬

   ‫يحتل المكان رغم وجود البشر‪،‬‬
   253   254   255   256   257   258   259   260   261   262   263