Page 254 - merit 49
P. 254
العـدد 49 252
يناير ٢٠٢3
مكتبه المكيف الهادئ ويذهب الطويلة ببساطة ،دون تعمد ولا في غاية الأهمية لا ملاحظتان
للمقهى وسط الصخب لكي يكتب، ا ِّدعاء .لذلك كنت كلما وجدت جملة أستطيع إلا أن أبدأ بهما
هذا الحوار الشيِّق :الأولى
والمدهش أنه يقول إنه حين يبدأ عنوان أعلى أخذف التي اخترتها
في الكتابة تختفي الأصوات التي قب ًل ،حتى استقر خاطري عند هذه أن الجملة الأولى التي
كتبها وحيد الطويلة،
تحيطه ،ويقول أي ًضا –ولاحظ الجملة بالذات ،لأنها –ببساطة- في مستهل إجابته عن
المفارقة! -إنه ج َّرب الكتابة في تلخص هذا التناقض الصارخ
البيت لكن أصوات من فيه طردته، السؤال الأول ،هي
طردته للمقهى الصاخب الذي لا الذي تعيشه ثقافتنا ،ثقافتنا التي «لا أعرف الإجابة
يسمع فيه أي صوت حين يبدأ ته ِّمش الجسد (الأنثوي) وتحجبه على الأسئلة الكبيرة»،
وتقصيه وتخبئه ،رغم أنه يحتل وبالفعل حاول أن يضع الأشياء
الكتابة! بؤرة الاهتمام ولب الخطابات كلها، والحكايات والمعلومات الصغيرة
أحببت روايته «جنازة جديدة لعماد متجاورة لكي يستنتج القارئ
المعلنة والمضمرة ،وعلى رأسها الإجابة التي لم ُي ِرد وحيد أن
حمدي» ،أدهشني عالم المسجلين الخطاب الديني. يقولها صراحة ..والثانية –التي هي
خط ًرا ،تصنيفاتهم ولغتهم نقيض الأولى -أنني كنت محتا ًرا
وحيد الطويلة –كما أعرفه -ليس في اختيار عنوان جامع للحوار،
وشفراتهم وتوزيعات أعمالهم كأي أحد ،هو حالة فنية تتعايش ليس لعدم وجود (شعار) يصلح،
ورجالهم ونساؤهم ،علاقتهم م ًعا، داخلها جميع المتناقضات ،يمشي بل لزحمة الشعارات وتدافعها..
بعضهم ببعض ،وعلاقتهم بضباط الشعارات التي يقولها وحيد
في الشوارع ويرتاد المقاهي
بكل تناقضاته ،ببساطة ،ودون
خناقات أو إعلانات ،يكتب قصصه
ورواياته على المقاهي ،يترك
وحيد الطويلة:
على الجسد أن يتأ َّخر عند
مناقشة القضايا العربية
المصيرية ..وأن يتقدم في
اللحظة التي يشهر فيها
المناضلون صواريخهم!!