Page 249 - merit 49
P. 249

‫الملف الثقـافي ‪2 4 7‬‬

‫جوستاف فلوبير‬  ‫توماس جفرسون‬  ‫جمال عبد الناصر‬                ‫سلطته الشخصية ويقويها‪،‬‬
                                                            ‫وليس من أجل بناء نهضة‪،‬‬
       ‫صارم‪ ،‬وسيطرة غير‬      ‫كتابه المهم (السعي للعدالة‪-‬‬
    ‫مسبوقة على الجسم تجد‬       ‫الطب والفقه والسياسة في‬         ‫فالنهضة تقوم على بناء‬
‫صداها في المشهد الآتي الذي‬    ‫مصر الحديثة) الصادر عن‬         ‫المجتمع وتقويته وتمدينه‪.‬‬
    ‫وصفه جوستاف فلوبير‬           ‫دار الشروق في القاهرة‬      ‫فإذا تتبعنا ما حدث سنجد‬
    ‫الكاتب الفرنسي الشهير‬                                 ‫أن محمد علي أراد –بداي ًة‪ -‬أن‬
   ‫عند زيارته لعنبرالإفرنكي‬  ‫‪ ،2022‬ترجمة حسام فخر‪.‬‬            ‫ينشئ جي ًشا قو ًّيا‪ ،‬فوجد‬
 ‫في قصر العيني عام ‪:1949‬‬       ‫يقول ص‪ :48‬فبداية يجب‬           ‫أنه يجب استبعاد الألبان‬
    ‫“مستشفى قصر اللعيني‬        ‫التذكير بأن قصر العيني‪،‬‬        ‫والمماليك لأن لهم طمو ًحا‬
  ‫حالته ممتازة‪ ،‬إنجاز كلوت‬         ‫درة التاج في المؤسسة‬       ‫في السلطة والنفوذ‪ ،‬ففكر‬
‫بك‪ ،‬ما زالت يده ُترى‪ .‬حالات‬        ‫الطبية‪ ،‬كان مستش ًفى‬       ‫في تجنيد المصريين‪ ،‬لكنه‬
    ‫الزهري الجميلة‪ ..‬العديد‬     ‫عسكر ًّيا‪ ،‬وأن الغرض من‬    ‫استبعد الفكرة حتى لا يؤثر‬
    ‫أصيبوا به في مؤخراتهم‪،‬‬         ‫إنشاء المؤسسة الطبية‬   ‫على إنتاج المحاصيل الزراعية‬
     ‫عندما تصدر إشارة من‬        ‫برمتها كان خدمة الجيش‬      ‫التي يحتاجها الجيش‪ ،‬فجند‬
   ‫الطبيب يقفون جمي ًعا فوق‬    ‫كما مر بنا‪ .‬وكان للأصول‬    ‫السودانيين‪ ،‬لكن أغلبهم ماتوا‬
   ‫أسرتهم (كان الأمر يشبه‬       ‫العسكرية تأثير قوي على‬       ‫بالكوليرا‪ ،‬فلم يجد ُب ًّدا من‬
   ‫تدريبًا للجيش)‪ ،‬ويفتحون‬       ‫المؤسسة الطبية‪ ،‬فكلوت‬        ‫العودة لتجنيد المصريين‪.‬‬
                                 ‫بك ظل محاف ًظا على لقبه‬   ‫وكان عليه أن يدرب الجيش‬
       ‫شروجهم بأصابعهم‬         ‫كـ»حكيمباشي الجهادية»‪،‬‬      ‫على النظم الحديثة التي رآها‬
     ‫ليكشفوا عن قروحاتهم‬                                      ‫في الجيش الفرنسي أثناء‬
‫التناسلية‪ .‬تجويفات ضخمة»‪.‬‬    ‫وخريجو قصر العيني كانت‬          ‫حملته على مصر (‪-1879‬‬
   ‫كما أن الأهالي في مصر لم‬  ‫لديهم رتب عسكرية (وكذلك‬        ‫‪ ،)1801‬فاستعان بالضباط‬
‫يكونوا يرغبون في العلاج في‬                                ‫الفرنسيين كمدربين‪ ،‬ثم أراد‬
‫القصر العيني أو في المنشآت‬    ‫خريجات مدرسة الولادة)‪،‬‬       ‫أن يحمي الجنود من الوباء‪،‬‬
                              ‫وكان المرضى في المستشفى‬        ‫فاستقدم أطباء من فرنسا‬
                             ‫يخضعون لانضباط عسكري‬            ‫(كلوت بك ومعاونيه)‪ ،‬ثم‬
                                                           ‫أرسل طلا ًبا مصريين لتعلم‬
                                                             ‫الطب والصيدلة في أوروبا‬
                                                             ‫لمعالجة الضباط والجنود‪،‬‬
                                                              ‫وافتتح مستشفى القصر‬
                                                            ‫العيني في أبي زعبل بجوار‬

                                                                ‫المعسكرات‪ ،‬واحتاج إلى‬
                                                              ‫مترجمين وإلى مهندسين‬
                                                          ‫زراعيين‪ ..‬إلخ‪ ،‬كل هذا لخدمة‬
                                                              ‫الجيش لا لإحداث نهضة‬
                                                            ‫مدنية يستفيد منها الشعب‪.‬‬

                                                                ‫هذه الفجوة بين خدمة‬
                                                           ‫الجيش وإهمال الشعب ركز‬
                                                           ‫عليها الدكتور خالد فهمي في‬
   244   245   246   247   248   249   250   251   252   253   254