Page 46 - merit 49
P. 46

‫العـدد ‪49‬‬   ‫‪44‬‬

                                                         ‫يناير ‪٢٠٢3‬‬

 ‫يكونوا نقا ًدا أص ًل إلا أن مهمتهم تلك في الحكم‬                   ‫يؤثر عنه سوى الإهمال الكامل للنقاد‪.‬‬
‫على الكتاب وتصنيف أعمالهم في مراتب‪ ،‬وتمرير‬                     ‫اليوم اختلف الوضع كثي ًرا؛ إذ أصبح لدى‬
                                                            ‫الكاتب شهادات إبداعية شارحة‪ ،‬يحاول فيها‬
 ‫أحدها ليكون أو ًل هي سلطة نقدية‪ ،‬ولذلك تجد‬               ‫اتقاء شر النقاد أو تخفيف سلطتهم أو تأكيدها‬
‫أحيا ًنا أن الكاتب يحاول عقد صداقات مع هؤلاء‬             ‫من حيث لا يدري‪ ،‬وحوارات يفسر فيها إبداعه‪،‬‬
‫النقاد‪ ،‬لعله يفوز بجائزة من تلك الجوائز‪ .‬ولعل‬              ‫ومقالات يحاول أن يكون فيها حكي ًما‪ ،‬ليخفف‬
                                                         ‫من أثر النقد وسلطته عليه‪ .‬وعلى الرغم مما يقال‬
    ‫أكثر الجوائز موضوعية هي الجوائز التي لم‬               ‫عن الشاعر أدونيس في أنه لا يحفل بآراء النقاد‬
    ‫يكشف قب ًل عن أعضاء لجنة تحكيمها فيها‪.‬‬                 ‫ولا يهتم بها‪ ،‬إلا أن سلطته الإبداعية منقوصة‬
                                                           ‫نو ًعا ما‪ ،‬لأنه واقع بما وقع فيه الكتاب جمي ًعا‬
       ‫لقد اكتسب هؤلاء النقاد المشكلون للجان‬               ‫من كتابة المقالات الشارحة والكتب التفصيلية‪،‬‬
   ‫التحكيم الكثير من العداوات‪ ،‬واتهموا بالكثير‬
 ‫من التهم من أولئك الذين لم يفوزوا‪ .‬وكتبوا في‬                     ‫والشهادات الإبداعية وإجراء الحوارات‬
   ‫ذلك مقالات معبرين عن سخطهم‪ ،‬إنهم بذلك‬                               ‫والمقابلات التلفزيونية والصحفية‪.‬‬
   ‫يحاولون التقليل من سلطة الناقد وتأثيره في‬
    ‫الكتب التي لم تفز‪ ،‬ومحاولين في الوقت ذاته‬                ‫وإذا ما تجاوزت الحديث عن المبدع واختلاط‬
 ‫استرداد شيء من سلطتهم المهدورة على أبواب‬                   ‫دوره ما بين الإبداعي والنقدي‪ ،‬وتحدثت عن‬
    ‫الجوائز‪ .‬كثير من الأدباء فهموا هذه المعادلة‬              ‫سلطة الناقد اليوم‪ ،‬الناقد الصحفي أو الناقد‬
 ‫جي ًدا‪ ،‬فلم يتقدموا لأية جائزة محلية أو إقليمية‪،‬‬         ‫المقالاتي أو الناقد الأكاديمي‪ ،‬سيجد الدارس أن‬
    ‫حر ًصا منهم على ما لديهم من سلطة إبداعية‬                ‫للناقد تأثي ًرا قو ًّيا في الحياة الثقافية والأدبية‪،‬‬
 ‫ترفعية لا تخضع لأذواق النقاد وأحكامهم التي‬              ‫فآراء النقاد تساهم في زيادة نسبة مبيعات كتاب‬
  ‫اكتسبت معنى السلطة وقوتها‪ ،‬ورفضا لمنطق‬                  ‫ما‪ ،‬وهذا تج ٍّل من تجليات سلطة الناقد‪ ،‬كما أن‬
   ‫تسليع الإبداع‪ ،‬وجعله مجالا للمساومات غير‬              ‫الآراء الانطباعية في أي كتاب ستكون متأثرة بما‬
                                                            ‫يقوله ناقد معروف‪ ،‬فيأخذون يرددون قوله‪،‬‬
                                      ‫المنصفة‪.‬‬
  ‫إن للنقد أحيا ًنا بع ًدا اقتصاد ًّيا واض ًحا‪ ،‬فالقراء‬                                  ‫ويتبنون آراءه‪.‬‬
 ‫يقبلون على أعمال القوائم القصيرة وعلى العمل‬                ‫كما ساهمت آراء النقاد في دعم الكاتب المتقدم‬
  ‫الفائز‪ ،‬عدا ما يكسبه المبدع من أثر نتيجة هذه‬              ‫لنيل جائزة أدبية أو رفضه واستبعاد أعماله‪.‬‬
 ‫العملية النقدية‪ ،‬من شهرة‪ ،‬وتمدد معرفي‪ ،‬يعود‬                ‫عدا أن حكام الجوائز الأدبية هم نقاد‪ ،‬وإن لم‬

   ‫الفضل فيه إلى الناقد أو ًل‪ ،‬فقد أفلح الناقد في‬
 ‫جر المبدع إلى‬

    ‫دائرة غير‬
  ‫إبداعية‪ ،‬وإلى‬
‫إخضاعه لمنطق‬
‫غير إبداعي في‬
 ‫نهاية المطاف‪.‬‬
  ‫عدا أن للناقد‬
 ‫دو ًرا مفصليًّا‬
 ‫في الحكم على‬

   ‫مخطوطات‬
 ‫الكتب الواردة‬
‫إلى دور النشر‬

   ‫التي تحترم‬
   41   42   43   44   45   46   47   48   49   50   51