Page 41 - merit 49
P. 41

‫‪39‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫رؤى نقدية‬

  ‫جدا ًرا أخرس يقف حاج ًزا بينها وبينهم»‪ .‬والكاتبة‬      ‫فلا يسمع سوى «صوت الريح وهي تنوح بين‬
    ‫وإن كانت تدافع عن المرأة دف ًعا للاضطهاد الذي‬    ‫الأشجار»‪ .‬وقد صارت «كل أرض خضراء تطعنها‬
                                                      ‫الهزائم»‪ .‬بسبب استسلام أهلها وتخاذلهم في رد‬
‫تلقاه‪ ،‬فإنها ترى أن الإشكال الأكبر يكمن في‪« :‬إيمان‬
     ‫المرأة بحقها في الحياة والكرامة والحرية‪ ،‬نساء‬                       ‫الظلم والطغيان عنها وعنهم‪.‬‬
   ‫كثيرات ممن ُبرمجت حياتهن مسب ًقا‪ ،‬ويتعرضن‬
                                                       ‫البعد الكوني في «صهيل الأسئلة»‬
   ‫للظلم والعنف والاعتداء اليومي ما زلن يتصورن‬
   ‫أن ذلك أمر طبيعي‪ ،‬وأن عليهن أن يتحملن بصبر‬          ‫تتجاوز الكاتبة حدود وطنيتها وقوميتها الضيقة‬
 ‫وجلد هذا المصير لدواع دينية تعدهن بالجنة‪ ،‬يعني‬       ‫لتعانق بآلامهما آلام الإنسان في الفضاء الإنساني‬
   ‫أنهن يؤجلن حياتهن إلى الآخرة بعد أن رفضتهن‬
                                                          ‫الرحب‪ ،‬فرغم «التنوع الإنساني توجد وحدة‬
                                      ‫الحياة»(‪.)8‬‬    ‫إنسانية (ذهنية ونفسية وعاطفية)»(‪ ،)7‬تقول البطلة‬
‫في مسألة الفكر‪ :‬لا تخلو مجموعة «صهيل الأسئلة»‬        ‫في «كابوس الساعة القادمة» «تفرض السماء أخي ًرا‬
‫من نزعة ذهنية فلسفية تجلت في القضايا المطروحة‪،‬‬
                                                         ‫هدنة بين العرب واليهود ويتوقف الصرب عن‬
                                           ‫مثل‪:‬‬         ‫تقتيل مسلمي البوسنة وتهجيرهم من ديارهم‪.‬‬
   ‫‪ -‬منزلة الإنسان في الوجود‪ :‬تقول نجاة مخاطبة‬         ‫تخفت حدة التوتر بين الهند والباكستان وتخف‬

      ‫زوجها عبد الله في «كابوس الساعة القادمة»‪:‬‬            ‫موجة الأكراد على اختطاف زعيمهم عبد الله‬
   ‫«تصور أن إنجازات الإنسانية من أقمار صناعية‬       ‫أوجلان‪ ..‬وحدها أمريكا لا يزال صوتها يجلجل عبر‬
   ‫وقنابل هيدروجينية وذرية ونووية ستتحول إلى‬        ‫أنحاء العالم مطالبًا طالبان بتسليم أسامة بن لادن»‪.‬‬
    ‫لعب أطفال أمام قوى الطبيعة‪ .‬تصور أن الحياة‬      ‫فتلامس بوجعها أوجاع الإنسانية في زمن الحروب‬
 ‫تتلاشى على وجه الأرض! يا للكارثة! يا للعجب! يا‬
 ‫لضعف الإنسان! «‪ .‬فحدث الكسوف «حقيقة منبئة‬                                             ‫والصراعات‪.‬‬
‫بالقيامة مجا ًزا (‪ )..‬والحدث علمي بدون شك ولكنه‬             ‫وقد حضرت هذه الأبعاد من خلال الترميز‬
‫رمزي في آن واحد‪ .‬إننا نعيش أعنف تجربة وجودية‬              ‫والإيحاء مما منح النص السردي في «صهيل‬
   ‫على الإطلاق قد يتحكم فيها العبث بالكون للحظة‬        ‫الأسئلة» ممكنات التعبير والتأثير وأثرى الدلالة‬
                                                      ‫والإحالة وعمق القراءة والتأويل دون وصاية على‬
                        ‫واحدة فينتهي كل شيء»‪.‬‬            ‫فكر القارئ‪ ،‬بل فسح أمامه المجال ليساهم في‬
  ‫‪ -‬الفعل الإنساني والعبث‪( :‬صهيل الأسئلة المرة)‪:‬‬     ‫صنع النص وخلق دلالته المتصلة بمسائل العاطفة‬
‫«العبث لم ينته عند أبطال كامو وسارتر‪ ،‬إنه موجود‬
 ‫حولنا وفي داخلنا‪ ،‬أن تعمل وتكافح وتقاوم ببسالة‬                                    ‫والمجتمع والفكر‪:‬‬
  ‫وتجد نفسك في نهاية الأمر لا تزال تدور في نقطة‬        ‫في مسألة العاطفة‪ :‬كشف «صهيل الأسئلة» عن‬

                   ‫الصفر فذلك هو العبث بعينه»‪.‬‬           ‫ذوات متألمة جريحة ونفوس مكلومة ومأزومة‬
   ‫‪ -‬الإيمان‪ :‬أهمية البعد الروحي في حياة الإنسان‬          ‫بسبب واقع الاستلاب والاغتراب الذي يلتهم‬
                                                    ‫أحلامها ويغتصب آمالها ويعبث بمشاعرها فيصبح‬
     ‫وقد غزت المادة حياته‪ .‬يقول الأب في «كابوس‬
     ‫الساعة القادمة»‪« :‬لا تقلقي يا ابنتي ففي جميع‬                             ‫الأمل فيها «بلا نوافذ»‪.‬‬
  ‫الحالات هناك قوة إلهية أزلية قادرة على الإمساك‬          ‫في مسألة المجتمع‪ :‬صورت المجموعة وض ًعا‬
                                                       ‫اجتماعيًّا وسياسيًّا مري ًضا وبائ ًسا يسوده الظلم‬
             ‫بزمام الكون وبعث الحياة من جديد»‪.‬‬          ‫والجهل والتخلف والخيانة‪ ،‬وتبدو فيه المرأة في‬
 ‫‪ -‬الموت‪ :‬هل هو نهاية الحياة أم هو حدث يدعو إلى‬          ‫مرتبة دونية تلتهمها العيون والأجساد اشتها ًء‬
                                                         ‫واغتصا ًبا وتزدريها رو ًحا وقلبًا مفع ًما بالحب‬
          ‫التفكير في معنى الحياة وحقيقة الوجود؟‬     ‫والحياة‪ .‬فتحدق «بكبريائها المطعون في وجوه أولئك‬
    ‫‪ -‬الحب في زمن المادة‪ :‬يحدث الطبيب البطلة في‬     ‫الناس»‪ ،‬وقد «أحست بمهانة الإنسان داخلها» و»أن‬
   ‫«كلمات بلا نافذة» قبل عشرين سنة بأن‪« :‬الحب‬
    ‫أسمى منحة إلهية‪ ،‬عليك أن تحبي حتى تبدو لك‬
   36   37   38   39   40   41   42   43   44   45   46