Page 40 - merit 49
P. 40

‫"صهيل الأسئلة" استعارة حررت طاقة‬

                                                      ‫السرد التعبيرية والدلالية لتطرح‬

                                                      ‫أسئلة حارقة سعت الكاتبة من خلال‬

                                                      ‫توظيف الفن القصصي إلى أن تحقق‬

                                                      ‫فيها معادلة الجودة في التشكيل‬

                                                      ‫والعمق في الرؤية‪ .‬وهو رهان‬

                                                      ‫تسعى رشيدة الشارني إلى كسبه من‬

                                                      ‫خلال كتابة القصة القصيرة في زمن‬

                                                      ‫العولمة‪ ،‬زمن أصبحت الرواية فيه‬

                  ‫رشيدة ال ّشارني‬                     ‫الفن الأكثر حضوًرا وحظو ًة لما تحققه‬
                                                                           ‫من رواج‪ ‬بين‪ ‬القراء‬
    ‫شري ًطا سينمائيًّا مسليًّا ومثي ًرا» فلم‬
‫تجد البطلة سوى الصراخ‪« :‬ذلك الشارع‬

‫شارعي‪ .‬وتلك الأرض أرضي‪ ..‬وذلك‬                         ‫البعد القومي في «صهيل الأسلة»‬

‫التراب ترابي»‪.‬‬
        ‫أما في «الله يحبني يا كريدو» فكانوا خمس َة‬
  ‫رجال‪ :‬مصري‪ ،‬شامي‪ ،‬فلسطيني‪ ،‬فلبيني‪ ،‬وأحمد‬                   ‫حضر هذا البعد بقوة في قصص «طريق دار‬
                                                       ‫العجائب» و»الله يحبني يا كريدو» و»تلك السنديانة‬
    ‫الشريف التونسي‪ ،‬وسادسهم رجل غبي‪ .‬وجد‬
  ‫أحمد التونسي في الفلبيني سن ًدا لم يجده عند ابن‬             ‫تملك الجواب»‪ ،‬ففي الأولى تحضر فلسطين‬
‫جلدته «ذلك الرجل الغبي الذي لم يعبأ بوجعه وقال‬           ‫موضو ًعا وقضية ووج ًعا من خلال القلادة هدية‬
   ‫له‪« :‬نحن ندفع لك الدولارات لكي تعمل لا لتنام»‬          ‫الزوج ليلة الزفاف يتدلى منها لوح ذهبي صغير‬
 ‫فامتلأت الصحراء قذارة وأصبحت أشبه بـ»الجب‬            ‫رسم على أحد وجهيه برج بابل العظيم موطن الزوج‬
   ‫اللعين» و»جب الموت» و»القبر الخانق»‪ .‬لذلك ولما‬        ‫ورسم على الوجه الآخر قبة القدس موطن الروح‬
 ‫وعى البطل عمق المأساة والمعاناة راح يلعن الساعة‬        ‫الذي اغتصب أمام «جيران يرقبون المشهد بذهول‬
    ‫التي فكر فيها بالمال قائ ًل‪« :‬لقد صنعت جحيمي‬      ‫غريب» كما لو أن «عقولهم قد طارت عنهم» فتعتري‬
                                                         ‫البطل َة «رعد ُة خزي لكونها تنتمي إلى سكان ذلك‬
      ‫بنفسي»‪ .‬وينزل بصره إلى بطن الرجل الغبي‬             ‫الشارع»‪ ،‬فكان «تخاذل أولئك الجيران أقسى من‬
‫المتكور‪ ،‬فيعجب «كيف ينحني هذا الرجل للصلاة؟»‬            ‫اعتداء ذلك الغريب عليها»‪ .‬فصرخت البطلة‪« :‬أيها‬
‫ويتساءل «عن حاجة هذا المتخم إلى الله»‪ .‬فيدرك علة‬      ‫السلبيون المستلبون المستسلمون متى كانت المقاومة‬
                                                        ‫تثير السخرية؟» و»أحست بمهانة الإنسان داخلها‬
  ‫أ ْن «لا يعرف المط ُر طري ًقا إلى هذه الأرض ويتكرر‬  ‫لما تذكرت زمنا مضى قامت فيه حرب ضروس بين‬
     ‫قيظ الأيام فيمتلئ الكون بسحب سوداء تخنق‬           ‫قبيلتين عربيتين دامت أربعين عا ًما بسبب الاعتداء‬

   ‫بكثافتها الأنفا َس»‪ .‬ويعترف بأن جفاف المكان في‬          ‫على ناقة»‪ .‬بينما «انغلقت أرواحهم» لما اُختطفت‬
     ‫هذه الأرض من جفاء القلوب وتصحر العقول‪.‬‬

‫أما في قصة «تلك السنديانة تملك الجواب» فيجوب‬          ‫أمامهم القلادة رم ُز الأرض واغتصبت الفتا ُة رمز‬
 ‫البطل تونس والجزائر باحثًا عن محبوبة ضائعة‪،‬‬            ‫ال ِعرض في شوارع القاهرة «وكأنهم يشاهدون‬
   35   36   37   38   39   40   41   42   43   44   45