Page 36 - merit 49
P. 36
إبداع ومبدعون العـدد 49 34
رؤى نقدية يناير ٢٠٢3
السردية وشروطها الفنية في زمن العولمة؟ وهل تردع همجيتنا وتنظم فوضانا؟».
إن التحديث والتجريب عندها تعبير عن رغبة « -رحلة محسن الأندلسي» :جاء السؤال مفع ًما
بالنجوى والرجاء« :يا وط ًنا لم شتات أجدادي
في الانعتاق من النموذج المعياري الآسر؛ أم هو من قبل؛ لماذا لا تحنو الآن على أبنائك المشردين
استجابة لروح عصر جديد فرض شرو ًطا جديدة
وتضمهم إليك؟».
من أجل البقاء والاستمرار؟ « -تلك السنديانة تملك الجواب» :إذا كان الحاكم
التشكيل الفني في «صهيل الأسئلة» «خص َم الكل وعدو الجميع فكيف أقف أمامه
وأشكو إليه أمري؟».
تستمد القصة القصيرة عند رشيدة الشارني
جماليتها من عد ٍد لا متنا ٍه من الممكنات ،منها ما « -كلمات بلا نافذة»« :لماذا لا يعود الحب
بنفس العنفوان؟».
هو معياري ومنها ما هو إبداعي تجريبي.
فالكاتبة تحترم معايير الكتابة القصصية من « -صهيل الأسئلة المرة»« :ترى كيف تكون
وحدة الموضوع ووحدة الزمن ووحدة الشخصية الحدائق بلا ماء؟»« ،أيمكن أن ترقص من جديد
ووحدة الانطباع ووحدة الهاجس وصرامة البناء
وشمولية التأثير والإيحاء والإيجاز والتكثيف في عضلات قلب وهنت لفرط الأحزان؟».
كل أقاصيص المجموعة ،محافظة بذلك على المعايير « -في متاهة الأقبية العمياء»« :لماذا لا نطمئن
الكمية (الحجم) والكيفية (المقومات السردية كثي ًرا إلى الأموات؟»« ،ولماذا يتحول الإنسان
الأساسية من شخصيات وأحداث وفضاءات
و ُبنى ورؤى سردية ،)..والدلالية والمقصدية إلى كائن مخيف ومرعب إذا انتزعت منه
(الإيحاء والترميز بمسائل ومشاغل متعددة الروح؟».
الأبعاد) ،التي تميز جنس القصة القصيرة .تقول
رشيد الشارني« :للتجريب في السرد وجهان «صهيل الأسئلة» استعارة حررت طاقة السرد
مختلفان ،الأول يفتح لفن القص عوالم وآفا ًقا التعبيرية والدلالية لتطرح أسئلة حارقة سعت
رحبة ،والثاني ولفرط التركيز على مهمة التجريب الكاتبة من خلال توظيف الفن القصصي إلى أن
ُيفقدها جوهرها ،ففي تونس على سبيل المثال تحقق فيها معادلة الجودة في التشكيل والعمق
القصة القصيرة متطورة ج ًّدا ولا ينفك كتابها في الرؤية .وهو رهان تسعى رشيدة الشارني
يجربون ويجددون ،ولك ْن في اعتقادي هناك مسائل إلى كسبه من خلال كتابة القصة القصيرة في
جوهرية ينبغي المحافظة عليها
ولا يمكن للقصة أن تستقيم زمن العولمة ،زمن أصبحت الرواية فيه الفن
دونها وهي وحدة الموضوع الأكثر حضو ًرا وحظو ًة لما تحققه من رواج بين
وكثافةالسرد والمفارقة أو القراء ،ف»تقذف العولمة ببقية الأجناس الأدبية
النهاية غير المتوقعة ،وبالنسبة
إل َّي تظل الحكاية هي جوهر القصة التي لا تحقق الربح إلى
القصيرة وروحها ،فيها يتجسد متاحف التاريخ» .كما
المعنى وتظهر الصنعة ،تكاد يقول عبد القادر عقيل في
الآن كثير من المحاولات تعصف مقال بعنوان «أي مستقبل
بالقصة القصيرة لعدم أخذها بعين للقصة القصيرة في زمن
الاعتبار أي مقوم من مقومات العولمة؟»( ،)2وقد «أصبحت
كتابة القصة عند الكثير أشبه
التقنية القصصية*(.)3 بتمرين لكتابة الرواية التي
ستأخذهم إلى عالم الشهرة
الحقيقية».
فإلى أي مدى تمكنت الكاتبة
من الحفاظ على أركان
القصة القصيرة ومكوناتها