Page 38 - merit 49
P. 38
العـدد 49 36
يناير ٢٠٢3
حباته مسيرة عمري». فالكاتبة التزمت بهذا «الميثاق الفني» وهي المتمكنة
من معايير كتابة القصة القصيرة ،بل ومتمرسة بها.
-مثال ثان من قصة «كابوس الساعة القادمة»:
ولكن هذا الالتزام بالمعايير الفنية لم يقيد حريتها
«خمس دقائق تفصل القمر عن بدء جولته في ومحاولتها الخروج عن الحدود المسطورة والمعايير
المحدودة ،فعبرت كتابتها عن رغبة في المحافظة على
محراب الشمس». هوية القصة القصيرة ،دون أن يكون ذلك سببًا في
وقوعها أسيرة كتابة معيارية نمطية تحنط الإبداع
-مثال ثالث من قصة «تلك السنديانة تملك
الذي يفيض على حدود جنسه .فالتزمت بمعيار
الجواب»« :محبوبة يا أم الخير والفرح ،يا نوارة الكم دون أن تتحول القصة عندها إلى ومضات
تخط مسيرة الوجود في أسطر وكلمات ،فيستغرق
أرضي وشعاع قلبي ،لو فقدتك بالموت لكان الأمر السرد بسوابقه ولواحقه من الزمن ما يقتضيه
أهون عليَّ من أن أفقدك سه ًوا بالحياة». النبش في الذاكرة ومتى دعت الحاجة إلى استشراف
-مثال رابع من نفس القصة السابقة« :رحلنا عبر المصير بحثًا عن الخلاص ،فتقف كما يقول فرانك
أكونور»على منحنى الطريق» لترى الطريق كله ،لأن
وادي ملاق مطعونين بالفجيعة ،كان ماؤه ينساب «الذي يفجر نقاط التحول في الموقف الواحد ُيتاح له
أن يجمع بين الماضي والحاضر والمستقبل في لحظة
سخيًّا كدموعنا». واحدة ماثلة للعيان»( .)4فالرهان عندها ليس على
-مثال خامس :من قصة «كلمات بلا نافذة« :قررت عدد الكلمات ،بل على أسلوب المعالجة لمسائل فارقة
وأسئلة حارقة .ولئن التزمت الكاتبة بمعيار الكيف
فجأة إثر وفاة زوجها أن تتخلص منه (من شعرها فإنها بثت في أقاصيصها من روحها ما عبرت
به عن ذات لها خصوصيتها وفرادتها فأكسبت
الطويل) وكأنها تريد بذلك أن تودع عم ًرا من الأسر المقومات القصصية من الأبعاد والرموز ما أصلها
قضته خلف خصلاته». في التربة العربية حينًا ،وأضفى عليها بع ًدا كونيًّا
إنسانيًّا حينًا آخر لتفتح مقاصد قصصها على عوالم
* التوقيع( :موسيقى الشعر): ومشاغل تجمع بين العاطفي والفلسفي ،وبين المحلي
والكوني في لغة قصصية قائمة على الانزياح فتنشأ
-مثال أول من قصة «كلمات بلا نافذة»« :صر َت حبلى بالرموز ومفعمة بالدلالات لتمنح السرد زخ ًما
وكلما ُت َك ماؤها ورو ُح َك زخر ُفها أن َت الدنيا ،وج ُه َك دلاليًّا يفتح القراءة والتأويل على أبعاد خصبة.
كأني أعرفك منذ الأزل». بدمائك نا ُرها كأني ُح ِقنت فتنزاح في أحيان كثيرة عن التعيين والتصريح إلى
الإيحاء والتلميح ،حتى أن هذه اللغة أصبحت في
-مثال ثان من نفس القصة السابقة« :كما يبتلع هذه المجموعة القصصية لغة شعرية ناظمة لصورة
المكان والإنسان تصوي ًرا وتوقي ًعا ،وهي التي تؤمن
سواد الليل ضجيج النهار كذلك يبتلع بياض أن «السرد العربي كان دو ًما خ َّل ًقا متلاح ًما مع
الشعر ومع الفلسفة وغنيًّا ومتجد ًدا على الدوام
الصفحات ضجيج أفكاري». * في التصوير( :على وجه التشبيه والاستعارة)
-مثال أول من قصة «طريق دار العجائب» :تتحدث
فتصبح الجملة السردية جملة شعرية في إيحائيتها البطلة بغنائية حزينة عن حنينها إلى المكان« :ذلك
التراب ترابي .عركته أصابعي الصغيرة وأنا طفلة
وغنائيتها ورقتها ،وتضحي القصة كقصيدة وركضت مقهقهة فوق كل شبر فيه وخططت على
رومانسية حالمة( :قصة «كلمات بلا نوافذ») «بحثت
عن نفسها في شعاع عينيه»« /علقتك على قلبي
كنجم قطبي وجعلتك بوصلة حياتي ،أنجبت لك
طفلين من شهد وعسل».
بل إن للشعر حضو ًرا بالنص كذلك لا بالتناص
فحسب:
-مثال أول( :ص:)114
«أنا امرأة القصائد الحزينة
أعيش في قلب الحياة بدون حب
أريد أن أحتضن عمري بين ذراعي
فقد أجد الحب مترب ًصا بي».
-مثال ثان( :ص:)121
«أريد أن أخرج من رحم الجمل التي تسكنني
وأكون حبة رمل
تثور مع الريح