Page 39 - merit 49
P. 39

‫‪37‬‬            ‫إبداع ومبدعون‬

              ‫رؤى نقدية‬

                                                                     ‫وتشهد في يوم الحشر‬

                                                                     ‫على تيه البشر»‪.‬‬

                                                                     ‫فتستعير الكاتبة من‬
                                                                     ‫الشعر صو ًتا‪ /‬صهي ًل‬

                                                                     ‫يعبر في نصها السردي‬

                                                                     ‫عن معاني الف ْقد والفاجعة‬

                                                                     ‫التي انتشر أنينها وتردد‬

                                                                     ‫رنينها في كل أرجاء‬

                                                                     ‫المجموعة‪ ،‬لتضفي عليها‬

                                                                     ‫غنائية حزينة حاملة كما‬

                                                                     ‫يقول علي حسين محمد‬

                                                                     ‫«رؤية للإحباط التي‬

                                                                     ‫نواجهها في عالمنا وتحمل‬

                                                                     ‫العديد من الدلالات‬

                                                                     ‫المباشرة المفتوحة على‬

‫فرانك أكونور‬  ‫عبد القادر عقيل‬                       ‫كلود ليفي ستروس‬  ‫دلالات نجدها بالتأمل‬

                                                                     ‫أكثر اتسا ًعا عن هموم‬
                                                    ‫الإنسان الذي يطمح إلى عالم أكثر متعة وإنسانية»(‪)5‬‬
‫ومزارع منوبة في «طريق دار العجائب» ودشرة نبر‬
   ‫ووادي ملاق وقرية بني مطير وباجة والقيروان‬        ‫فتخرجنا الشعرية من طور الكتابة المشدودة إلى‬
   ‫والكاف والجريد وجامع الزيتونة وهضبة رأس‬
     ‫الطابية وهضبة الرابطة ومستشفى الرابطة في‬       ‫الواقع بصلة المشابهة إلى طور الكتابة الموحية‬
     ‫«كابوس الساعة القادمة»‪ ..‬وشارع جمال عبد‬
    ‫الناصر وهضبة سيدي بوسعيد في «كلمات بلا‬          ‫بالواقع ترمي ًزا وتلمي ًحا فتفتح للتأمل فضاءات‬
    ‫نافذة»‪ ،‬وأبطالها شخصيات مألوفة في المجتمع‬                               ‫وللتأويل مساحات‪.‬‬
  ‫التونسي مثل عم مصطفى الحلايبي والعم صالح‬
                                                    ‫على أن الشعرية في المجموعة لا تجرف النص‬
 ‫بائع الثلج والعم محمود في «طريق دار العجائب»‪.‬‬
    ‫كلها أسماء تحيل إلى مجتمع تونسي «مريض»‬          ‫السردي إلى أن يكون قصيدة‪ ،‬فلا يغرق عندها‬
   ‫يعيش أزمة قيم بعد أن تنكر للأصيل فيه‪ ،‬فنخر‬
                                                    ‫في نشوة غنائية قد ُتضيع حدود الحكاية و ُتفقدها‬
‫«فيروس» المادة النفوس فيه قبل الأجساد فتصلبت‬                         ‫هويتها النوعية‪.‬‬
    ‫وتحجرت‪ ،‬وسيطر الفكر الخرافي والجهل وملأ‬
    ‫الجب ُن القلو َب والعقو َل‪ .‬فانتشر صوت الفاجعة‬  ‫أبعاد الكتابة في «صهيل الأسئلة»‬
   ‫صهي ًل وأنينًا يتساءل «هل تنفذ الخيانة إلى عمق‬
    ‫الأرض؟» ويسائل الأرض الطيبة كحصن دافئ‬               ‫ترى رشيدة الشارني أن «القصة القصيرة هي‬
      ‫«لماذا صمت وأنت ترين أبناءك البدو يرحلون‬         ‫فن التقاط الظواهر الغريبة والمواقف الاستثنائية‬
                                                    ‫وتحويلها إلى سياق فني بديع»‪ .‬إذ «كل نص إبداعي‬
  ‫الواحد تلو الآخر بعد أن ضغطت عليهم الحكومة‬           ‫يطرح سؤا ًل»‪ ،‬وتعتبر الكاتبة أن «أسئلة القصة‬
   ‫وأجبرتهم على الهجرة لتبني مكان مرج السنابل‬
   ‫العمارات؟» فـ»كيف تصمت الأرض وهي تشهد‬                  ‫والرواية لا تختلف كثي ًرا عن بعضها البعض‬

                             ‫هزيمة أصحابها؟»‪.‬‬           ‫البعد المحلي في صهيل الأسئلة‬

                                                      ‫تؤصل أسما ُء الأعلام مجموع َة «صهيل الأسئلة»‬
                                                         ‫في بيئة تونسية صرفة؛ إذ تدور أحداث بعض‬

                                                    ‫أقاصيصها في أماكن محلية مثل طريق قصر باردو‬
   34   35   36   37   38   39   40   41   42   43   44