Page 42 - merit 49
P. 42

‫العـدد ‪49‬‬   ‫‪40‬‬

                                                         ‫يناير ‪٢٠٢3‬‬

    ‫إن تلاحق الأحداث في العالم العربي وزخم الواقع‬           ‫الحياة أجمل وتفهميها بعمق أكبر»‪ ،‬فـ»يوم تظلم‬
      ‫وخطورة المرحلة التي نمر بها تستدعي حضور‬              ‫الدنيا في عينيك وتثقل النفس بالأوجاع تذكري أن‬
                                                           ‫الحياة ستبقى برغم كل شيء جميلة وأن لا شيء‬
 ‫جميع الفنون للوقوف ضد انهيارنا كحضارة عريقة‪،‬‬
       ‫الفنون بجميع أنواعها هي الثورة الحقيقة التي‬                            ‫أسمى من الحب»‪( .‬ص‪)112‬‬
     ‫علينا أن نخوضها‪ ،‬ينبغي أن يعود الاهتمام بفن‬           ‫‪ -‬العلم والفن‪ :‬أي حياة للشعر في زمن تخنق فيه‬
                                                           ‫الماد ُة الرو َح وتهزأ بكل القيم والمشاعر الإنسانية؟‬
   ‫القصة القصيرة على مستوى النقد وتنظيم الندوات‬
  ‫وتخصيص جوائز تشجيعية لكتابها‪ ،‬الواقع العربي‬                 ‫‪ -‬علاقة الإنسان بالمكان‪ :‬يقول الشيخ في «تلك‬
‫صار على درجة من الزخم والخطورة وعلينا كمثقفين‬                ‫السنديانة تملك الجواب»‪« :‬يا ولدي إن كانت كل‬
    ‫ومبدعين أن نخوض بدورنا هذه المعركة الشرسة‬
  ‫ضد م ْحق كياننا كحضارة ووجود بشتى الأساليب‬                  ‫بلاد الله أر َضك فلكل أرض رائحتها‪ ،‬وإن كان‬
                                                         ‫الإنسان محكو ًما بالموت فالأرض لا تموت»‪ .‬وتقول‬
                                       ‫الفنية»(‪)‬ 9‬‬
    ‫وقد ترجمت الكاتبة هذا الاعتقاد في ممارسة فنية‬            ‫بطلة «طريق دار العجائب» معبرة عن حنين إلى‬
   ‫كانت القصة القصيرة فيها‪ ،‬تشكي ًل ودلالة‪ ،‬وسيلة‬        ‫المكان (باردو) يسكنها ويسكن الكاتبة‪« :‬ذلك التراب‬
   ‫للمقاومة والتحرر وإثبات الوجود‪ .‬وسأستعير هنا‬          ‫ترابي‪ .‬عرك ْته أصابعي الصغيرة وأنا طفلة وركضت‬
   ‫عبارة كلود لفي ستراوس في حديثه عن «الحضارة‬
‫العالمية باعتبارها تحال ًفا للثقافات التي تحتفظ كل منها‬        ‫مقهقهة فوق كل شبر فيه وخططت على حباته‬
  ‫بثقافتها»(‪ )10‬لأقول إن الكتابة القصصية عند رشيدة‬          ‫مسيرة عمري»‪ ،‬فـ»هناك فقط على مر طريق دار‬
     ‫الشارني تتجذر في الهوية الذاتية دون النأي عن‬        ‫العجائب يمكنها أن تتلاءم مع الحياة وتستعيد ذرات‬
   ‫الهوية الجماعية وتتمسك بخصوصيتها دون إنكار‬             ‫عمرها المتناثرة على طوله‪ ..‬بين تلك البيوت الواطئة‬
    ‫بعدها الكوني‪ ،‬فتحصن ذاتها بخصوصية جنسها‬
‫وتخصب تشكيلها ودلالتها بالتفاعل مع الجنس الأخر‪،‬‬                ‫فقط يستعيد الكلام نقاوته»‪ :‬فالمعنى الحقيقي‬
                                                           ‫للمكان يكمن في عمق العلاقة الروحية والوجدانية‬
         ‫ومع الآخر المختلف إنسانًا والمؤتلف إنسانية‬
                                                                                      ‫بينه وبين الإنسان‪.‬‬

                                                                     ‫الخاتمة‬

                                                         ‫تقول الكاتبة رشيدة الشارني‪« :‬لا أعتقد أن القصة‬
                                                         ‫القصيرة ُفقدت أو هي مقبلة على أن تفقد مكانتها‪.‬‬

                                                                ‫الهوامش والمراجع‪:‬‬

   ‫* رشيدة الشارني قاصة وروائية تونسية‪ ،‬لها إضافة إلى مجموعة صهيل الأسئلة ‪ ،2000‬قبلها مجموعة الحياة على حافة الدنيا‬
  ‫‪ ،1989‬وصدرت لها أيضا رواية تراتيل لآلامها ‪ .2012‬وحصدت العديد من الجوائز الأدبية وطنيًّا ودوليًّا منها جائزة زبيدة بشير‬
  ‫في مناسبتين؛ سنة ‪ 1997‬عن مجموعتها القصصية الأولى‪ ،‬وسنة ‪ 2012‬عن رواية «تراتيل لآلامها»‪ ،‬كما حازت على الجائزة الأولى‬

    ‫للقصة القصيرة لإبداعات المرأة العربية في الأدب من أندية الفتيات بإمارة الشارقة سنة ‪ .2000‬وتحصلت سنة ‪ 2003‬على لقب‬
                                                                              ‫«امرأة العالم» لكتاباتها المناصرة لقضايا المرأة‪.‬‬
                                                                                        ‫‪ -1‬صحيفة العرب‪ ،‬ديسمبر ‪.2014‬‬

                     ‫‪ -2‬عقيل‪ ،‬عبد القادر‪« ،‬أي مستقبل للقصة القصيرة في زمن العولمة؟»‪ ،‬مجلة أوان الإلكترونية‪ ،‬مارس ‪.2019‬‬
                                                                          ‫‪ -3‬الشارني‪ ،‬رشيدة‪ ،‬مجلة الجديد‪ ،‬فيفري ‪.2016‬‬

                  ‫‪ -4‬فرانك‪ ،‬أكونور‪ ،‬فرانك‪« ،‬الصوت المنفرد»‪ ،‬ترجمة‪ :‬محمود الربيعي‪ ،‬المركز القومي للترجمة‪ ،‬القاهرة‪.2009 ،‬‬
                 ‫‪ -5‬محمد‪ ،‬علي حسين‪ .‬القصة القصيرة ج ًّدا‪ :‬قراءة في التشكيل والرؤية‪ ،‬منتدى النقد الأدبي والفني‪ ،‬ماي ‪.2010‬‬

                                                                          ‫‪ -6‬الشارني‪ ،‬رشيدة‪ ،‬مجلة الجديد‪ ،‬فيفري ‪.2016‬‬
‫‪7- Edgar Morin, Humanité de l’humanité. Edi Seuil, 2001, p 70.‬‬

                                                                          ‫‪ -8‬الشارني‪ ،‬رشيدة‪ ،‬مجلة الجديد‪ ،‬فيفري ‪.2016‬‬
                                                                                                 ‫‪ -9‬نفس المرجع السابق‪.‬‬

‫‪10- Claude Lévi-Strauss, Race et histoire. Ed, Gonthier, 1961.‬‬
   37   38   39   40   41   42   43   44   45   46   47