Page 33 - merit 49
P. 33

‫‪31‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫رؤى نقدية‬

            ‫يعمل في الورشة وسفره للعراق‪ ..‬إلخ‪.‬‬         ‫واستطاعت مقابلته وحكت عما يحدث في ميدان‬
                                                   ‫شارع بطرس‪ .‬وذلك يدل على أن كبر السن لن يقف‬
    ‫ومن هنا نجد كثافة حضور المرأة في القصص‪،‬‬
  ‫وكونها تمثل محر ًكا لتنامي الأحداث‪ ،‬ومع الأخذ‬                   ‫عائ ًقا أمام شجاعة مواجهة الخوف‪.‬‬
                                                    ‫وكذلك مخاوف الموت كما في قصة «حديث مريم»‪،‬‬
‫بعين الاعتبار حضورها الحقيقي أو الحلم‪ ،‬وهي إما‬      ‫ومكان الموت الذي يرى السارد أنه يجب أن يكون‬
‫لديها مخاوف أو سبب فيها‪ ،‬وتعتبر محر ًكا بصر ًّيا‬   ‫مكا ًنا ومو ًتا له معني من وجهة نظره‪ ،‬بل يصل إلى‬
                                                   ‫مفارقة في شهوة الموت في القصة‪ ،‬كما حاولت مريم‬
      ‫وواقعيًّا ومعنو ًّيا كأنها سبب رئيسي لوجود‬
‫المخاوف‪ ،‬ولم يظهر الرجل أنه سبب مخاوف المرأة‪.‬‬          ‫فهم هذه النقطة‪ .‬نقرأ ص‪« :١٣١‬والنقطة الصلبة‬
                                                        ‫التي توقفت عندها وقضت وقتًا طوي ًل تحاول‬
‫النهايات مركبة‪ ،‬كلما نتوقع أن القصة ستنتهي عند‬      ‫فهمها هي شهوة الموت التي اعترت الشباب‪ ..‬كيف‬

    ‫هذه النقطة نجد تكملة لنهاية متداخلة في امتداد‬          ‫يمكن تفسير من يذهب إلى الموت برجليه»‪.‬‬

    ‫لمغامرة هذه الكتابة‪ ،‬وكأن الكاتب يتلاعب بعقل‬   ‫ارتباط الذات الساردة بالزمن والذاكرة‬

‫المتلقي في حالة من الخوف من النهايات المتوقعة‪ ،‬أو‬      ‫من جماليات مغامرة الكتابة التفاعل بين منطقة‬
                                                     ‫الزمن والذاكرة‪ ،‬والحلم والذاكرة‪ .‬فالذاكرة تسير‬
             ‫الخوف من دلالة النهايات في العموم‪.‬‬
                                                        ‫مساراتها عبر زمن سابق‪ ،‬وتعطي للحلم المادة‬
    ‫في النهاية‪..‬‬                                       ‫الأولية لإظهار الحكي‪ ،‬والحلم يسعي عبر زمن‬
                                                        ‫سرد هذه الذاكرة‪ .‬كل ذلك يتركز ليكون زمن‬
‫ركزت الذات السادرة في دائرتها المكتوبة لتصل إلى‬       ‫ذاكرة موحدة للسرد‪ .‬نقرأ في قصة «لن أتذكرك‬
  ‫أرضية الحكاية المتشكلة من تفاعلات ومفارقات‬
                                                         ‫أب ًدا» ص‪« :١٩‬الذكريات التي سوف تخطر له‬
‫داخل المتن‪ ،‬والبطل الأهم في القصص هو المخاوف‬         ‫واحدة إثر الأخرى‪ ..‬سيتذكر‪ ..‬محصول بالكامل‪،‬‬
    ‫عامة‪ ،‬وقام الكاتب بتناول مشاكل الشخصيات‬         ‫سيتذكر‪ ..‬إلى‪ :‬ويتذكر رعبه من زمجرة الحشود»‪.‬‬

‫وقضاياها داخل الموضوع القصصي الذي اختاره‪،‬‬              ‫وص‪« :٢٠‬سوف يتذكر وجه علياء‪ ..‬التي قالت‬
 ‫وهي الخطوة الأهم في بناء فكرة القصة وتحويلها‬           ‫لن أتذكرك أب ًدا‪ ،‬ستعود إليه تفاصيل عجز عن‬
  ‫إلى عمل سردي‪ ،‬ويجعل المتلقي يشتبك في علاقة‬        ‫تذكرها»‪ ،‬لكن السارد يتذكرها في وعيه وفي أحلام‬

     ‫بينه وبين القصة‪ ،‬ويعتمد ذلك على حساسية‬                               ‫تراوده بل يحلم أن يراها‪.‬‬
‫التفاعل والمتعة والفائدة‪ ،‬وتجعل من العلاقة بينهما‬    ‫الزمن السردي هنا زمن متمرد لا يخضع لسياق‬
                                                   ‫محدد‪ ،‬فنجد في القصة الواحدة أكثر من زمن ما ٍض‬
  ‫قائمة وقابلة للتطور‪ ،‬فمجرد الاكتفاء بالتوصيل‬     ‫وحاضر وكتابة عن توقعات المستقبل‪ ،‬ونجد ذلك في‬
‫الخاص بالموضوع القصصي لا يشبع نهم المتلقي‪.‬‬         ‫كل القصص‪ ،‬ونجد الكتابة عن الكثير من الذكريات‬
                                                      ‫في القصص‪ ،‬فنجد عم نسيم جرجس يحكي عن‬
   ‫استطاع الكاتب أن يح ِّول حساسية العلاقة بين‬       ‫ذكريات سجنه عشرات المرات‪ ،‬بل يصفها السرد‬
     ‫عوامل السرد إلى مغامرة ولعبة سردية‪ ،‬حين‬
                                                         ‫بأنها حكايات‪ ،‬نقرأ ص‪« :٩‬حكايات عم نسيم‬
‫تتراكم الآلام وهواجس الموت والفجيعة في الحكاية‬       ‫طيبة»‪ .‬ونجد كذلك الكتابة عن الذكريات في قصة‬
 ‫الأصل‪ ،‬ثم تأتي الحكاية البديلة الخيالية كي تفتح‬       ‫«زينب فخر الدين» ص‪« :٤٥‬من يعرف الحكاية‬
                                                    ‫الحقيقية هي الخالة صفية»‪ ،‬وحكايات الذاكرة عند‬
    ‫الأفق السردي على أوسع معاني الحياة‪ ،‬وهذه‬         ‫نجيب البيلي في قصة «رياح الخماسين» عن جدته‬
      ‫خاصية سردية نوعية لا تتوفر إلا لأصحاب‬         ‫وما علمته له‪ ،‬ومقاومته لوالده الذي أراد أن يجعله‬
    ‫التجارب النوعية في كتابة القصة‪ ،‬فالقصة فن‬

 ‫شديد الدقة وشديد الحساسية حتى يكون بوسع‬
          ‫القصة أن تحصل على استحسان المتلقي‬
   28   29   30   31   32   33   34   35   36   37   38