Page 30 - merit 49
P. 30

‫العـدد ‪49‬‬           ‫‪28‬‬

                                                    ‫يناير ‪٢٠٢3‬‬

 ‫و»مخاوف نهاية العمر»‪ ،‬في تداخل صوت الراوي‬                      ‫الغلاف‬
     ‫مع أصوات الشخصيات‪ .‬وهذا أعطى دينامية‬
                      ‫للسرد وانتبا ًها من المتلقي‪.‬‬         ‫لشجرة بها كل ألوان أوراق الشجر‪ ،‬وتظهر‬
                                                          ‫جذورها في قصدية مناسبة‪ .‬فأوراق الشجرة‬
   ‫مغامرة الحكاية وتجلِّيات الذات‬                       ‫الخضراء والبرتقالية‪ ‬والصفراء تدل على أعمار‬
         ‫القصصية في السرد‬                            ‫مختلفة وليس خريف العمر فقط‪ ،‬أي نهايته‪ ،‬وذلك‬
                                                       ‫يؤيد أن المخاوف موجودة في أي عمر‪ ،‬العبرة في‬
‫هناك تفاعل ما بين النص وكاتبه‪ ،‬وفي داخل النص‬            ‫وقت انتهائه‪ .‬الجذور تقول إن لكل شيء أصل‬
 ‫ذاته في حالة لتوازن عناصر السرد‪ ،‬وإذا كان هذا‬         ‫حتى المخاوف‪ .‬والغلاف مناسب للعنوان بألوانه‬
                                                    ‫وتصميمه البسيط‪ ،‬في مفارقة أولية عن كيف تكون‬
     ‫التفاعل ناج ًحا وصل إلى المتلقي‪ ،‬فنجد الكاتب‬
    ‫قد ربط بين سرد القصص بفكرة الخوف التي‬                                          ‫المخاوف بسيطة؟‬
  ‫تسيطر على المجموعة من خوف من الموت كما في‬            ‫اسم الكاتب في أعلي الغلاف فوق كل شيء كأنه‬
‫قصتي «مخاوف نهاية العمر» و»الوطن»‪ ،‬أو العجز‬         ‫هو المتحكم في السرد بأحداثه ومخاوفه‪ ،‬وفي أسفل‬
  ‫كما «رياح الخماسين»‪ ،‬أو الفضيحة مثل طزينب‬            ‫الغلاف كتب قصص ولم يكتب قصص قصيرة‪،‬‬
   ‫فخر الدينط على سبيل المثال‪ .‬وهناك ربط لسرد‬         ‫ومن هنا نتعامل معها على هذا الأساس‪ ،‬فالرواية‬
 ‫بعض القصص ببعض الشخصيات مثل قصة «لن‬
‫أتذكرك أب ًدا» التي بطلها دكتور ياسر حجازي الذي‬           ‫سرد يستغرق زمنًا طوي ًل في أماكن وأحداث‬
 ‫يعمل أستا ًذا في جامعات ليبيا‪ ،‬ويكون هو الراوي‬         ‫متشعبة‪ ،‬والقصة القصيرة عكس ذلك‪ ،‬والقصة‬
     ‫وموجود ضمن شخصيات قصة «زينب فخر‬                     ‫هي بين الرواية والقصة القصيرة‪ ،‬وهي كذلك‬
                                                     ‫تعالج مشكلات اجتماعية معاصرة‪ ،‬أو ربما ترتبط‬
                                        ‫الدين»‪.‬‬      ‫بالماضي في أسلوب قصصي‪ ،‬وتعالج كذلك الواقع‬
    ‫هذا الربط أدي إلى دمج مصير بعض القصص‬            ‫الإنساني والنفسي والاجتماعي‪ ،‬لكن في زمن ممتد‬
‫ببعضها‪ ،‬وكذلك من أجل إحكام التخيل لدي المتلقي‬          ‫بعض الشيء حيث قال د‪.‬محمد غنيمي هلال في‬
 ‫في حالة من تأسيس للوضع النفسي للشخصيات‬             ‫كتاب «النقد الأدبي الحديث» الصادر عن دار نهضة‬
     ‫التي تعاني من ذلك الخوف‪ ،‬وأن المخاوف من‬           ‫مصر عن القصة «تهتم القصة بالأخذ بالوصف‪:‬‬
    ‫الممكن أن تتشعب وتؤثر في المجتمع‪ ،‬ويمكن أن‬         ‫وصف الحياة والأشخاص ومجال الأحداث التي‬
                                                     ‫يبررها‪ ،‬وتهتم كذلك بصراع الشخصيات النفسي‬
                                                       ‫في هذا المجال لتحقيق ما يقومون به من أعمال»‬

                                                                                          ‫ص‪.٤٦٣‬‬
                                                         ‫الراوي في القصص الراوي العليم‪ ،‬كأنه لسان‬
                                                     ‫الراوي الذاتي‪ ،‬ويكون مهيمنًا على نسق السرد إلى‬
                                                      ‫أن يحدث انحراف في اتجاه مسار السرد‪ ،‬فينتقل‬

                                                           ‫الراوي إلى الشخصيات في القصص‪ ،‬ويسلم‬
                                                      ‫الراوي العليم المسار السردي إلى صوت آخر عن‬

                                                         ‫طريق الحوارات‪ ،‬وذلك في كل القصص ما عدا‬
                                                      ‫قصة «قصة الفجر»‪ ،‬الراوي فيها بضمير المتكلم‪.‬‬
                                                       ‫بنية الصوت بنية تح ٍّد يتطور سياقها دراميًّا إلى‬
                                                      ‫صوت مؤثر كأنه ضمير السرد‪ ،‬وإيقاعه المتداخل‬
                                                       ‫مع الراوي‪ .‬نجد ذلك في قصة «لن أتذكرك أب ًدا»‬
                                                      ‫وقصة «زينب فخر الدين» وقصة «حديث مريم»‬
   25   26   27   28   29   30   31   32   33   34   35