Page 31 - merit 49
P. 31
29 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
عادل عصمت د.محمد غنيمي هلال تنتقل أفعال الخوف من شخص لآخر.
الكاتب في هذه المجموعة يعيد إنتاج الحكي في داخل
تتفق أو تختلف مع مخاوف الشخصيات ،من هنا
جاءت المغامرة في حدوث رؤى مقاربة في وعي السرد ،فيشتغل على المخزون الذهني والمكاني
وتوظيف فكرة الإحساس بالخوف ،وكيف عالجت
جمعي ،للاتفاق على أن هذه مخاوف لدي المتلقين،
فرغم خوف ياسر حجازي الذات ِّي من لماذا تركته كل شخصية هذه المسألة في السرد.
علياء ،أو لماذا لن تتذكره ،وتكرار هذه الجملة خمس
مرات على مدار السرد في قصة لن اتذكرك أب ًدا ،إلا فنجد على سبيل المثال كيف واجهت الست عنايات
أنه يوقظ في نفس المتلقي المخاوف من أنه هو ذاته مخاوفها تجاه صوت الغراب أو خوفها من أن
يضع لها أحدهم السم في الطعام.
من الممكن أن ينسي.
وخوف آخر مختلف يتحول إلى هاجس من خوف وكيف أن كل شخصية وجدت خلاصها المحتمل من
وجهة نظرها ،وهل نجحت في ذلك أم لا؟
محمود الأنصاري من إعادة زيارة قبر أمه التي
ماتت ،بل ونقرأ ص« :٦٨عرف القبر بحاسة غامر السرد بالتركيز على اختيار لحظة معينة أو
الانتباه لفكرة محددة يدور حولها سرد كل قصة،
البصر ،فلم يشعر بمشاعر داخلية تجاه قبر أمه»،
ونقرأ ص« :٧٥يضع زيارة قبر أمه على رأس وتوظيف هذه الفكرة أو اللحظة لطاقة السرد،
فتتنامى وتخرج من دائرة محددة خلف خطابها،
جدول الزيارة ،لكن ذلك لم يتحقق ولا مرة واحدة»، ويحال هذا السرد إلى المكان والزمان في تدخلات
كأنه يهرب ويتبرأ من ماضيه ،أو كأنه خائف
مقصودة لإحداث تغيير في بنيتها ،مثل فكرة
من الشعور بالحنين فيعود للإقامة في طنطا مرة الاستهلال الموجز في القصص؛ الذي يقوم بتحريك
أخرى .ويتمني «لو يتمكن من استعادة الماضي»
ص .٧٩هو يخاف الموت ،نقرأ ص« :٨١قال لنفسه السرد لتوجيه دلالة سوف يعتمدها المتلقي في
مخيلته في القصة .من رهبة الوجود في السجن كما
خائ ًفا إنها مقابر ،حاول أن يبدد اللحظة ،ماذا في قصة «قصة الفجر» نقرأ ص« :٧ما هي أصعب
تخشى؟ هل تخاف الموت؟».
لحظة في السجن؟» ،في تصدير الكثير من الدلالة
ولا ش َّك أن إخضاع التصور والظن لهذه المخاوف المتوقعة للسجن ورهبته ،وقصة «لن أتذكرك أب ًدا»
نقرأ ص« :١٩ماذا يحدث لو ..إلى أودع جثماني
مقابر بلدتنا؟» ،في إيحاء مخاوف ورهبة الموت
والفقد في العموم .وقصة «زينب فخر الدين»
ص« :٣٥العنوان ذاته اختفاء زينب» لما فيه من
ترقب ومخاوف الاختفاء ،وما فيه من احتمالات
كثيرة مخيفة لهذا الاختفاء غير المتوقع ،وكما في
قصة «حديث مريم» من اقتباس جملة من رواية
اللص والكلاب لنجيب محفوظ «ولست أطمع في
أكثر من أن أموت مو ًتا له معنى» ،هذا الاستهلال
في القصص يبث إحساس الخوف والترقب والرهبة
من المجهول المنتظر.
والذات الساردة تحيل هذه الأفكار من الخوف
الموجود عند الأبطال إلى ش ٍّك وحيرة ،ثم تخضع
حساسية الكتابة عن الخوف إلى ثلاثة أشياء :أو ًل
ما يخافه الكاتب؛ لأنه المتحكم في السرد ،وثانيًا
مخاوف ذات الأبطال بما فيها من متخيل أو حقيقي
عرفه الكاتب ،وثالثًا مخاوف المتلقي التي إما أن