Page 10 - merit 50
P. 10

‫العـدد ‪50‬‬                                                        ‫‪8‬‬

                                                             ‫فبراير ‪٢٠٢3‬‬

‫د‪.‬نادية هناوي‬

‫(العراق)‬

‫الدكتور شوقي ضيف‬
‫والثقافة الشعبية‬

‫في العصر العباسي الأول لم يعد الشعر مقصو ًرا على الأصول العربية‪،‬‬
‫بل صار ينظمه الموالي‪ ،‬وكان الكثير من المتكلمين من الطبقات الشعبية‪.‬‬

‫وظل الشعر في العصر العباسي الأول تتجسد فيه ثقافة الشعب من‬

‫أبناء الطبقة العامة‪ ،‬كما كان شعر المديح يستغل في الخصومات‬

‫السياسية‪ ،‬لا كما كان ُيعتقد من أنه مخصص للطبقة العليا‪ .‬ومن الأدلة‬
‫على تحول الشعر إلى الطابع الشعبي هو ليونة عباراته وسهولة ألفاظه‬

‫وصعود شعر الخمريات على الألسنة‪ .‬وع َّد د‪.‬ضيف الشاعر أبا نواس‬
‫شخصية شعبية منذ عصره وإلى اليوم‪.‬‬

                              ‫منهج واحد بعينه‪.‬‬        ‫سه ًل على الناقد أن يخلص لمنهج واحد‬              ‫ليس‬
 ‫وتظل المنهجية هي الميزان الذي به ينجو الناقد من‬    ‫لاسيما في زمننا المعاصر الذي كثرت فيه‬
‫الشطح والشطط‪ ،‬وما كان لنقدنا الأدبي الحديث أن‬
 ‫يكون مؤس ًسا لنواة الحداثة النقدية لولا أنه أسس‬      ‫المنهجيات‪ ،‬إلى الدرجة التي صار ممكنًا‬
‫لنفسه قاعدة منهجية على يد الرعيل الأول من نقاد‬        ‫معها للناقد أن يعتمد منه ًجا ثم يغادره‬
                                                    ‫ليختار غيره‪ ،‬وقد يجمع بين منهجين أو‬
  ‫الأدب‪ ،‬ويعد الدكتور شوقي ضيف واح ًدا منهم؛‬         ‫أكثر داخل دراسة واحدة‪ ،‬وقد لا يلتزم‬
‫فكان مثا ًل للناقد المتوازن‪ ،‬لا يتساهل ولا يتحامل‪،‬‬
                                                                             ‫بمنهج أص ًل‪.‬‬
              ‫بل يتحرى الحقيقة متوخيًا العلمية‪.‬‬     ‫وما أكثر هذا الأخير الذي يسمي نفسه ناق ًدا ثقافيًّا‬
    ‫وكثيرة هي الجهود التي بذلها الدكتور شوقي‬        ‫وليس له من مردود على النقد العربي سوى مردود‬
‫ضيف في خدمة أدبنا العربي بقديمه وحديثه‪ ،‬ولقد‬
     ‫كان مشواره مع هذا الأدب طوي ًل قطع خلاله‬            ‫كمي لا إضافة علمية فيه ولا ِج َّدة نوعية‪ .‬وإذ‬
‫مسافات مهمة وغير يسيرة مهدت السبل للباحثين‬             ‫لا نصادف اليوم ناق ًدا أخلص لمنهج واحد طوال‬
   ‫أن يسلكوها من بعده غير وجلين‪ ،‬وأن يسيروا‬          ‫حياته‪ ،‬فلأن المواكبة للمستجد من المنهجيات غدت‬
 ‫على هديها غير هيَّابين‪ .‬نظ ًرا لخبرة شوقي ضيف‬       ‫أم ًرا واجبًا؛ ناهيك عن أن النصوص الأدبية عربية‬
  ‫بتاريخ الأدب ونصاعة منهجه الاجتماعي وحسه‬            ‫وأجنبية صارت من التنوع والتبدل ما يجعل لكل‬
‫الأدبي وسلاسة أسلوبه‪ ،‬الذي يجمع العمق بالدقة‪،‬‬       ‫نص طبيعته في التأثير في طرق تناوله بهذا القدر أو‬
                                                     ‫ذلك‪ ،‬ومن ثم يقتضي من الناقد التسلح بأكثر من‬
   5   6   7   8   9   10   11   12   13   14   15