Page 14 - merit 50
P. 14

‫بن شيرزاد‪ ،‬كان أعطى الأمان ل ًّصا‬       ‫من الأمثلة الدالة على دقة شوقي ضيف‬
   ‫فات ًكا هو حمدي في عهد الخليفة‬       ‫المنهجية في تتبع الظواهر الاجتماعية‬
  ‫المتقي‪ ،‬واشترط عليه أن يدفع له‬

‫شهر ًّيا خمسة عشر ألف دينار مقابل‬                 ‫ومدى أثرها في مسارات الأدب‪ ،‬كتابه‬
  ‫أن يكبس هو بيوت الناس بالمشاعل‬
‫والشموع‪ ،‬وينهب ما يريد من الأموال‬                 ‫(تاريخ الأدب العربي) بأجزائه الأربعة‪،‬‬

‫والجواهر (ينظر‪ :‬العصر العباسي‬                     ‫ومنها الجزء الثالث المعنون (العصر‬

‫الثاني‪ ،‬ص‪ .)25‬ونقل د‪.‬شوقي ضيف‬                     ‫العباسي الثاني) الذي فرغ من تأليفه‬
  ‫الخبر عن ابن تغري بردى‪ ،‬مبينًا أن‬
‫هذا اللص هو الذي ُس ِّمي عند العامة في‬
‫سالف الأعصار أحمد الدنف‪ ،‬وقصته‬                    ‫العام ‪ ،1974‬وفيه درس شعر هذا‬
        ‫في ألف ليلة وليلة مشهورة‪.‬‬
                                                  ‫العصر ونثره‪ ،‬بعد أن مهد بدراسة‬

‫‪ -4‬الثورات الشعبية العارمة التي‬                   ‫ضافية في بيئة ذلك العصر مستقر ًئا‬

‫استنزفت موارد الدولة وجعلت الخلافة‬      ‫الواقع السياسي للدولة العباسية وحال‬
      ‫العباسية تضعف‪ ،‬ومنها ثورتان‬

‫كبيرتان هما ثورة الزنج التي دامت‬                  ‫الطبقات الاجتماعية‪ ‬فيها‪.‬‬

‫أربعة عشر عا ًما‪ ،‬وثورة القرامطة‪.‬‬
‫‪ -5‬ما كان للمرأة من ثقافة دينية‬

‫جعلتها ذات دور فاعل‪ ،‬والمثال هو‬

‫قهرمانة أم المقتدر «واسمها ثمل‪ ،‬كانت‬               ‫ابنها وقتل بعد أيام وصادر أموالها حاجبه صالح‬
‫تجلس في سنة ‪306‬هـ لسماع المظالم والحكم بين‬          ‫بن وصيف‪ ..‬ولما رأى وصيف في خزانتها مليونا‬
‫المتظالمين‪ ،‬ويجلس معها القضاة والعلماء‪ ،‬واختلف‬    ‫من الدنانير قال‪ :‬قبحها الله‪ ،‬عرضت ابنها للقتل في‬
‫الفقهاء حينئذ في جواز ولاية المرأة للقضاء‪ ،‬وأجاز‬  ‫خمسين ألف دينار يدفعها رواتب للجيش» (العصر‬

  ‫ذلك الطبري‪ ،‬وهي فتوى تدل على ما بلغته المرأة‬                      ‫العباسي الثاني‪ ،‬ص‪.)24 -23‬‬
   ‫من التعمق في الفقه وعلم الشريعة بهذا العصر»‬       ‫‪ -2‬هيمنة الجواري والوصيفات ذوات الأصول‬
                                                   ‫التركية والرومية على الخزائن‪ ،‬واللائي كن يتفنن‬
              ‫(العصر العباسي الثاني‪ ،‬ص‪.)128‬‬
                            ‫وكانت لهذه العوامل‬    ‫في اللعب بألباب الرجال‪ ،‬ومنهن شغب أم المقتدر‬

‫ثمار كثيرة ساعدت في‬                               ‫التي كانت تمسك بيدها زمام الأمر والنهي في‬

‫قوة الثقافة الشعبية‪،‬‬                              ‫الدولة‪ ،‬وأثرت «حتى كان دخلها في العام غلات‬

‫ومن أهمها أن العلم‬                                ‫ضياعها مليون دينار‪ ،‬وكان المقتدر متلا ًفا فأنفق‬

‫والثقافة صارا‬
‫أموال الدولة على النساء وأهداهن جواهرها وتحفها شعبيين‪ ،‬وأن الشعر‬
‫العربي ظل موصو ًل‬                                 ‫النفيسة‪ ،‬من ذلك إهداؤه الدرة اليتيمة التي ظل‬
                                                  ‫آباؤه يحتفظون بها حقبًا طوا ًل‪ ..‬وكانت زنتها‬
‫بالشعب‪ ،‬ولكن بروح‬                                 ‫ثلاثة مثاقيل‪ ..‬وكأن كل ذلك وقع في يد معتوه‪،‬‬

‫جماعية طغت على‬                                    ‫فهو ينثره يمينًا وشما ًل» (العصر العباسي الثاني‬

‫الروح القبلية‪ .‬وقلما‬                              ‫ص‪.)24‬‬

‫نبغ شاعر ينتمي إلى‬                                ‫‪ -3‬فساد الحكام والولاة الذين كانوا يستغلون‬

‫الطبقة الأرستقراطية‪،‬‬

‫بل جمهور الشعراء‬                                  ‫مناصبهم لأغراض شخصية‪ ،‬ومنهم حاكم بغداد‬
   9   10   11   12   13   14   15   16   17   18   19