Page 20 - merit 50
P. 20

‫العـدد ‪50‬‬   ‫‪18‬‬

                                                            ‫فبراير ‪٢٠٢3‬‬

‫حلقات ممتدة يفيد منها لاحق عن سابق ومتعلم من‬                ‫«مأساة الحلاج»‪ ،‬و»جريمة قتل في‬
                                         ‫معلم»‪.‬‬                       ‫الكاتدرائية»‬

   ‫ويؤكد أنه عندما كتب مسرحية «مأساة الحلاج»‬                       ‫أخرج صلاح عبد الصبور مسرحيته الأولى‬
    ‫كان له تصوره الشخصي‪ ،‬فقضيتها المطروحة‬                   ‫«مأساة الح َّلج» عام (‪ ،)1964‬في الوقت الذي كان‬
                                                             ‫مشغو ًل فيه بقراءة إليوت والكتابة عنه بعمق‪ .‬وفي‬
  ‫هي خلاصه الشخصي‪ ،‬ودور الفنان في المجتمع‪:‬‬
 ‫«فقد كنت أعاني حيرة مدمرة إزاء كثير من ظواهر‬                  ‫هذا المضمار تبرز مقالته المنشورة في مجلة روز‬
                                                                ‫اليوسف بتاريخ ‪ 16‬يناير ‪ ،1961‬وما نشره من‬
    ‫عصرنا‪ ،‬وازدحمت الأسئلة في خاطري ازدحا ًما‬                 ‫مختارات في فهم الشعر ونقده بقلم إليوت (مجلة‬
  ‫مضطر ًبا‪ ،‬وكنت اسأل نفسي السؤال الذي سأله‬                 ‫«المجلة» عدد مايو ‪ ،)1963‬ومقالته «سكت الصوت‬
   ‫الحلاج لنفسه‪ :‬ماذا أفعل؟ وكانت إجابة الحلاج‪:‬‬              ‫الصارخ في البرية» (جريدة الأهرام عدد ‪ 22‬يناير‬
  ‫هي أن يتكلم‪ ..‬ويموت‪ ،‬وكان عذاب الحلاج طر ًفا‬                   ‫‪ ،)1965‬ومقالته‪« :‬قراءة جديدة لشعر إليوت»‬
                                                              ‫(مجلة «المجلة» عدد يونيو ‪ .)1964‬ويشار إلى أنه‬
      ‫لعذاب المفكرين وحيرتهم في معظم المجتمعات‬              ‫في عام ‪ 1964‬قام بترجمة مسرحية «حفل كوكتيل»‬
 ‫الحديثة‪ ،‬وكانت مسرحيتي هذه معبرة عن الإيمان‬                    ‫لإليوت‪ ،‬وفي العام نفسه قام بترجمة مسرحية‬

    ‫العظيم الذي بقى لي نقيًّا لا تشوبه شائبة‪ ،‬وهو‬                 ‫«جريمة قتل في الكاتدرائية» ‪Murder in the‬‬
     ‫الإيمان بالكلمة»‪ .‬ف ِم ْن خلا ِل ما سب َق يتبين أ َّن‬     ‫‪ )1935( cathedral‬لإليوت أي ًضا‪ .‬وق َّدمهما إلى‬
      ‫مسرح عبد الصبور حذا حذو جيل الرواد في‬                   ‫«سلسلة المسرح العالمي» الكويتية (العددان‪،148 :‬‬
  ‫المسرح الشعري العربي عبر توظيف الموضوعات‬                    ‫‪ 149‬على التوالي)‪ .‬لكنهما لم تصدرا إلا بعد وفاته‬
  ‫التاريخية‪ ،‬وأحيا ًنا إسقا َطها على الواقع المعيش في‬       ‫سنة ‪ .1981‬ولع َّل هذا يو ِّضح استمرارية تعلُّقه بهذا‬
                                                             ‫«الصوت الصارخ في البرية»‪ ،‬و»الأرض الخراب»‪.‬‬
                                    ‫تلك ال ِحقبة‪.‬‬               ‫ولقد كثر حديث النقاد في المقارنة بين مسرحية‬
                                                                ‫عبد الصبور‪( :‬مأساة الحلاج)‪ ،‬وبين مسرحية‬
 ‫تأثره بـ»لوركا»‪ ،‬و»بودلير» وآخرين‬                            ‫إليوت‪( :‬جريمة قتل في الكاتدرائية) حيث يبدو أن‬
                                                                ‫«فكرتهما الأساس واحدة‪ ،‬وبطلهما واحد»‪ .‬لذا‬
‫اقترن اسم عبد الصبور بالشاعر والكاتب المسرحي‬                 ‫يري البعض منهم خليل سمعان‪ ،‬وأحمد العشري‪،‬‬
    ‫والرسام والموسيقي الإسباني فيديريكو غارثيا‬
      ‫لوركا (‪-1898( )Federico García Lorca‬‬                        ‫وجمال التلاوي‪ ،‬وعبد الحميد إبراهيم الصلة‬
   ‫‪ )1936‬خلال تقديم المسرح المصري في ستينات‬                    ‫الوثيقة بين ال َع َملين المسرحيين‪ .‬وفي المقابل نجد‬
                                                             ‫َمن ينفي (كـ»لويس ترمين») أي تأثير وتأثر بين‬
  ‫القرن الماضي مسرحية لوركا‪« :‬يرما»‪ .‬إذ اقتضي‬                ‫المسرحيتين‪ ،‬علي أساس أن مسرحية عبد الصبور‬
                                 ‫عرضها صياغة‬                ‫تدور في إطار دنيوي بينما مسرحية إليوت تدور في‬
                                  ‫الأجزاء المغناة‬           ‫إطار كوني‪ .‬ويوجد بين الفريقين كـ(عيسي بلاطة)‬
                               ‫منها شع ًرا‪ ،‬فكان‬                ‫يقف موق ًفا وس ًطا في هذا الجدال النقدي‪ .‬بينما‬
                                 ‫هذا من نصيب‬                   ‫يقول عبد الصبور‪« :‬أنه ليس فز ًعا لهذه المقارنة‬
                                   ‫عبد الصبور‪.‬‬              ‫النقدية التي تصل إلى حد الاتهام بالسرقة»‪ .‬ويبرر‬
                                    ‫وتجلي تأثره‬               ‫هذا التشابه بين المسرحيتين بالاستناد إلى نظرية‬
                                  ‫بلوركا في عدة‬             ‫إليوت (التراث‪ ،‬والموهبة الفردية) ويقول‪« :‬إن رج ًل‬
                                 ‫مسرحيات لعبد‬                ‫مثلى قرأ نظرية إليوت في الموروث الأدبي لا بد أنه‬
                                   ‫الصبور مثل‪:‬‬                ‫قد نقد هذه الحساسية المريضة‪ ،‬فليس التراث إلا‬
                                ‫«الأميرة تنتظر»‬
                                ‫(‪ ،)1969‬و»ليلي‬
                                      ‫والمجنون»‬

                              ‫(‪ ،)1971‬و»بعد أن‬
   15   16   17   18   19   20   21   22   23   24   25