Page 65 - أثار مصر الإسلامية 2
P. 65

‫ولقد ظلت مدينة القاهرة الفاطمية فى العصر العثمانى –كما كانت من قبل‪ -‬مدينة تقليدية ذات‬
‫أزقة ضيقة وقصيرة وغير متعامدة تتداخل مع بعضها البع ‪ ،‬كما تك َّون النسيج العمرانى للقاهرة من‬

              ‫طرق الكبيرة وسكك قصيرة جدا وتفريعات شديدة التعرج تؤدى الى دروب لا تحصى (‪)1‬‬
‫واستمر اهتمام العثمانيين بتشييد العمائر فى مدينة القاهرة الفاطمية مثل المساجد والأسبلة‬
‫والمنازل والقصور والحمامات‪ ،‬ولكنها كانت دون مثيلاتها المملوكية روعة وجمالا‪ ،‬ولا تدانيها فى‬

                                                                                        ‫فخامتها(‪)2‬‬
‫وتعد المسعجد من المنشآت الدينية الهعمة التى شيدها العثمانيون فى مدينة القاهرة الفاطمية‪،‬‬
‫ومنها ما ش َّيد وفق الطراز المملوكى المحلى فى عمارة المساجد‪ ،‬ومنها ما ش َّيد وفق الطراز العثمانى‬
‫المتأثر بالرو البيزنطية‪ ،‬إذ قد تخلت العمارة العثمانية عن طراز بناء المدرسة والذى دخل إلى القاهرة‬
‫مع السلطان صلا الدين الأيوبى وشهد تطورا كبيرا فى العصر المملوكى البحرى‪ ،‬ثم اخذ تصميمه فى‬
‫التغير من الشكل المتعامد )‪ (Cruciform Plan‬إلى شكل المساجد الجامعة ذات الأروقة‪ .‬وعدل‬
‫المعماريون العثمانيون كذلك عن هذا التخطيط بادخال نمط القباب البيزنطية واستخدام القرميد فى‬

‫البناء(‪ ،)3‬ويعتبر جامع محمد بك أبو الدهب بشارا الأزهر (‪ 7733‬هـ ‪7119 /‬م) نموذجا واضحا‬

‫للمساجد العثمانية فى مدينة القاهرة الفاطمية‪ ،‬ويقع بميدان الأزهر فى مقابلة المدخل الرئيسى للجامع‬
‫الأزهر‪ ،‬ويعتبر رابع مسجد بمصر الاسلامية على طراز الجوامع العثمانية فى مدينة استانبول ‪ -:‬أولها‬
‫مسجد سليمان باشا الخادم – سارية الجبل‪ -‬بالقلعة‪ ،‬وثانيها مسجد سنان باشا ببولاق‪ ،‬وثالثها مسجد الملكة‬

                 ‫صفية بالدوادية‪ ،‬وإن كان مسجد أبى الدهب يتفق مع مسجد سنان باشا فى تصميمه (‪)4‬‬
‫كما تعتبر المجموعة المعمارية للأمير ذاته بحى الازهر خير شاهد على عبقرية المعمارى فى‬
‫اختياره لموقعها فى قلب مدينة القاهرة الفاطمية‪ ،‬إذ تتكون هذه المجموعة من جامع وحو لسقى‬

‫(‪ )1‬جومارٌ(إ ْدمٌفرنسوا‪ٌ،‬المتوفىٌسنةٌ‪1259‬هـ‪1362ٌ/‬م)‪ ،‬وصف مدينة القاهرة وقلعة الجبل‪ ،‬ترجمة‪ٌ:‬أيمنٌفؤادٌسيد‪،‬‬
                                                                            ‫مكتبة الخانجى‪ ،‬القاهرة‪ ،1188 ،‬ص ‪76‬‬
                                                                                   ‫(‪ )2‬شحاتهٌعيسى‪ ،‬القاهرة‪231 ،‬‬

                                                                 ‫(‪ (3‬أيمنٌفؤادٌسيد‪ ،‬القاهرة خططها‪ ،‬ص ‪351،351‬‬
                                                 ‫(‪ )4‬أبوٌالحمدٌفرغلى‪ ،‬الدليل الموجز لأهم الآثار الاسلامية‪ ،‬ص ‪175‬‬

                                                     ‫‪- 65 -‬‬
   60   61   62   63   64   65   66   67   68   69   70