Page 176 - merit 38 feb 2022
P. 176

‫العـدد ‪38‬‬                            ‫‪174‬‬

                               ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬                    ‫ويعتقد أبو العلاء أن إصلاح‬
                                                               ‫الناس والحياة السياسية لا‬
‫التحرر من المفاهيم الراسخة‬                       ‫والتأثير‪.‬‬      ‫يجري إلا من خلال العقل‪،‬‬
‫لدينا‪ ،‬وبخاصة فيما يختص‬             ‫ومن استقرائنا لحقائق‬       ‫فهو غير مقتنع بتأثير النقل‬
                                ‫هذه الدراسة تتضح النتائج‬       ‫في الإصلاح‪ ،‬فبالعقل يمكن‬
      ‫بالتراث‪ ،‬فنحن بحاجة‬
   ‫إلى قراءة متجددة للتراث‬                         ‫التالية‪:‬‬         ‫التصدي للظلم السائد‪،‬‬
                               ‫‪ -‬الحرية هي الهدف الأسمى‬              ‫فالأوطان هي الباقية‪.‬‬
         ‫الإسلامي العربي‪.‬‬                                          ‫ويقول أبو العلاء أي ًضا‪:‬‬
    ‫‪ -‬وقع أبو العلاء المعري‬        ‫في فكر طه حسين‪ ،‬وهي‬            ‫َت ْتوى الملو ُك‪ ،‬و ِمص ٌر‪ ،‬في‬
                                  ‫التي ترتبط دائ ًما بالرفض‬
     ‫في تناقض لم يشر إليه‬          ‫والمعارضة‪ ،‬ولذلك عندما‬                         ‫تغيّرهم‬
    ‫طه حسين‪ ،‬عندما صرح‬                                         ‫ِم ْص ٌر على العه ِد‪ ،‬والأح ْسا ُء‬
‫بالجبر ووقف في ذات الوقت‬              ‫ضاق على طه حسين‬
   ‫ضد الاستبداد السياسي‪،‬‬            ‫الأزهر‪ ،‬بحث عن مجال‬                           ‫أحسا ُء‬
   ‫ومن المعروف منذ العصر‬         ‫أوسع لممارسة حرية الفكر‬             ‫وهذا البيت قصد به‬
‫الأموي في التاريخ الإسلامي‬         ‫خارج أسواره إلى الحياة‬      ‫المعري‪ :‬أن الملوك والرؤساء‬
     ‫أن مذهب الجبر صناعة‬        ‫الثقافية الأكثر رحابة‪ ،‬حيث‬        ‫يتتابعون ويفنون ويبقى‬
   ‫حكام الدولة الأموية حتى‬       ‫مؤسسات الرأي والمجتمع‬          ‫الوطن لا يتغير ولا يتبدل‪،‬‬
   ‫لا يحاسب الناس الأمراء‬                                            ‫فالبلاد أبقى من الملك‬
   ‫على أفعالهم وممارساتهم‬                          ‫المدني‪.‬‬         ‫والملوك‪ ،‬فمصر ستبقي‬
    ‫القهرية‪ ،‬ولا يقتصر هذا‬       ‫‪ -‬علاقة الحرية بالسياسة‬       ‫مصر‪ ،‬والأحساء (مدينة في‬
  ‫على الدولة الأموية‪ ،‬فتاريخ‬                                   ‫البحرين) ستبقى كما هي لا‬
  ‫المسلمين به شواهد كثيرة‬          ‫‪-‬عند طه حسين– وطيدة‬          ‫يغيرها شيء تتابع عليهما‬
   ‫على توظيف مذهب الجبر‬         ‫بالطبع وقد جاءت السياسة‬        ‫الحكام لكن البلاد أبقي(‪.)50‬‬
    ‫لصالح الطغاه من الملوك‬       ‫بعد الفلسفة‪ ،‬لتلعب دورها‬
‫والحكام على أن هذا لم يلفت‬     ‫في بناء الفكر الإنساني ‪-‬كما‬           ‫خاتمة‬
 ‫نظر طه حسين الداعم دائ ًما‬      ‫وضع ترتيبها طه حسين–‪،‬‬
‫لفكرة الحرية‪ ،‬ولم نر انتقاده‬     ‫وفي نظره أكثر وأهم رجال‬        ‫يقول طه‪ ‬حسين‪ :‬إنما نحن‬
    ‫للمعري في هذه الجزئية‪.‬‬     ‫السياسة الذين تركوا أث ًرا في‬   ‫عبيد اللحظات لا نملكها ولا‬
                                 ‫ذلك هو الإسكندر الأعظم‪،‬‬      ‫نستطيع تصديها ولا‪ ‬ادعاءها‬
       ‫‪ -‬لم تكن لأبي العلاء‬     ‫الذي ترامت مستعمراته من‬
     ‫كتابات فلسفية مستقلة‬       ‫أوروبا إلى آسيا‪ ،‬و كما كان‬         ‫ولا ردها عنا حين تقبل‬
  ‫عن الشعر‪ ،‬فقد استخلص‬            ‫الإسكندر رجل حرب كان‬           ‫علينا‪ ،‬لذلك لا بد أن ننتقل‬
      ‫طه حسين فلسفته من‬                                       ‫من طور إلى طور‪ .‬دعوة هي‬
     ‫خلال شعره‪ ،‬واستنبط‬                    ‫رجل فكر أي ًضا‪.‬‬       ‫إذن إلى التطور والنهوض‬
  ‫الآراء الفلسفية الخاصة به‬       ‫‪ -‬فكرة الحرية التي روج‬
 ‫وصاغها ووضعها في قالب‬             ‫لها طه حسين ضرورية‬             ‫والانتقال من مرحلة إلى‬
   ‫يماثل النظريات الفلسفية‬        ‫للأدب وللفلسفة وللعلوم‬      ‫أخرى‪ ،‬فلا بد من الاستعداد‬
 ‫اليونانية والإسلامية‪ ،‬فنحن‬       ‫كلها‪ ،‬وهي الممارسة التي‬      ‫والتهيئة العقلية للعلم‪ ،‬فهذا‬
    ‫لم نشهد كتابات فلسفية‬         ‫رآها طه حسين ضرورية‬
  ‫خالصة للمعري‪ ،‬ولا نملك‬        ‫للإبداع حتى ولو انقلبت إلى‬       ‫يأخذنا إلى العقلانية وهي‬
  ‫حتى ملخ ًصا لفلسفته على‬      ‫فوضى‪ ،‬فالفوضى في الأدب‬              ‫النزعة الملازمة للحرية‪،‬‬
 ‫غرار الفلاسفة ال ُخلَّص‪ .‬أما‬   ‫لا تدل على شيء إلا على أن‬
  ‫ما جاء في اللزوميات (أكثر‬     ‫المواهب تزدهر كلما وجدت‬       ‫تتبادل معها الوضع والمكانة‪،‬‬
                                   ‫في مناخ أكثر حرية‪ .‬وفي‬           ‫كما تتبادل معها التأثر‬
                               ‫حقيقة الأمر نحن بحاجة إلى‬
   171   172   173   174   175   176   177   178   179   180   181