Page 178 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 178

‫العـدد ‪33‬‬          ‫‪176‬‬

                                                               ‫سبتمبر ‪٢٠٢1‬‬                      ‫الحياة‪.‬‬
                                                                             ‫ميرسو فرد مختلف تما ًما‪ .‬من‬
‫يفتقر إلى ما يسميه عالم النفس يمكن تحليل أعمال «آرثر ميلر»‬
                                                                               ‫خلال أفعاله‪ ،‬يمكن للمرء أن‬
‫دوافع الإنجاز‪ .‬لا يريد ميرسو بمشاركة المتغيرات النفسية‬                        ‫يعتقد أنه يجب أن يكون لديه‬
                                                                              ‫نوع من اضطراب الشخصية‬
‫في هذه الرواية أن يلزم نفسه والتحليل النفسي لشخصياته‬
‫في مسرحياته‪ .‬يمكن توضيح‬                                                        ‫المعادية للمجتمع‪ ،‬لأنه ليس‬
                                         ‫بأي علاقة‪.‬‬                         ‫لديه أي تعاطف‪ .‬تم العثور على‬
‫قرر كامو أن الإنسان يبحث الديناميكا النفسية للروح‪،‬‬                          ‫انعكاس وجهة نظر الخصائص‬
   ‫دائ ًما عن السعادة على الرغم وصراعاتها التي هي داخل‬
‫من وعيه بهزيمة الموت النهائية‪ .‬الشخصية بطبيعتها‪ ،‬والمحاولة‬                      ‫هذه في حالات متعددة من‬
‫من حياته في الجزائر في عام اللاحقة للبحث عن هوية جديدة‬                           ‫القصة‪ .‬الحالة الأولى هي‬
‫‪ 1939‬رسم كامو خلفية رواية للتعامل معها لتحقيق تحرر‬                           ‫عندما يحضر احتضار والدته‬
‫الغريب‪ .‬تأثر كامو بالظروف الروح ويمكنها إعطاء نظرة‬                             ‫وجنازتها‪ .‬يبدو أنه منفصل‬
‫التي يسود فيها الفقر والعنف ثاقبة جديدة لأعمال آرثر ميلر‪.‬‬                      ‫ج ًّدا عن الموقف‪ .‬نجده يفعل‬
‫ُتظهر أعمال آرثر ميللر عند‬                                                   ‫الأشياء‪ ،‬ليس لتحقيق مكاسبه‬
‫دراستها مع تدخل المتغيرات‬         ‫والتوتر العرقي في الحياة‬                    ‫الشخصية بالضرورة‪ ،‬ولكن‬
‫النفسية والديناميكا النفسية‬                                                 ‫على الأقل لإرضاء الآخرين لأنه‬
                                  ‫اليومية‪ .‬كان جز ًءا من جيل‬
                                  ‫الشباب الذي رفض أعراف‬                                     ‫لا يهتم ح ًّقا‪.‬‬
‫مجتمع الطبقة الوسطى‪ .‬وكان لشخصياته في مسرحياته‬                              ‫بشكل عام‪ ،‬وجدنا أنه من الآمن‬
‫الطرق والوسائل المختلفة التي‬                                                ‫أن نقول إن ميرسو‪ ،‬على الرغم‬
                                  ‫ميرسو شخصية صادقة‬
‫وأمينة مع انطباعاته ورفض استخدمت فيها الشخصيات‬                               ‫من عيوبه ونقاط ضعفه‪ ،‬ليس‬
‫قول أكثر مما يعرفه‪ .‬إنه يعيش باستخدام آليات الدفاع كما‬                      ‫بالضرورة مضطر ًبا نفسيًّا ولا‬
‫وف ًقا لمبدئه الخاص والذي لا طرحها فرويد للتعامل مع‬
‫علاقة له بالسلوك الذي يتوقعه صراعاتهم وتحقيق تحرر‬                             ‫أكثر الأشخاص إساءة للفهم‬
‫أرواحهم‪.‬‬                                                                       ‫في مجتمعه‪ .‬تفتقر شخصية‬
                                                  ‫المجتمع‪.‬‬
        ‫حاول ألبير كامو تصوير العقل أحد موضوعات الحلم‬                            ‫ميرسو أي ًضا إلى الحماس‬
‫النفسي لشخصية ميرسو في الأمريكي‪ ،‬القدرة على أن يصبح‬                           ‫والاهتمام‪ .‬إنه سلبي في المقام‬
‫روايته الغريب‪ .‬يعرف ميرسو مزده ًرا‪ُ ،‬يظهر الروح التقليدية‬                   ‫الأول‪ ،‬لأنه ليس لديه طموحات‪.‬‬
‫أن السعادة الوحيدة تكمن في للأمريكيين في «موت بائع‬
‫قبول الحاضر‪ .‬تذكرنا حياته متجول» لميلر وفي وقت سابق‬
‫بحياة المسيح‪ ،‬ليس كإله في «كل أبنائي»‪ .‬لم يستطع‬
‫أو مخلص‪ ،‬ولكن كإنسان ويلي لومان في مسرحية موت‬
‫يمكن أن يلهم الآخرين بائع متجول متابعة تغير الزمن‬
‫مثاله في العيش بمعتقداته‪ .‬وأصبح مهوو ًسا بالقيم القديمة‬
‫لحلم النجاح في الماضي‪ ،‬وكان‬
‫جو الواقعي في مسرحية «كل‬          ‫غالبًا ما اع ُتبر الغريب من‬
                                   ‫أفضل الروايات المكتوبة‬
‫بالفرنسية خلال القرن أبنائي» يتماشى جي ًدا‪ ،‬على‬
‫الرغم من أنه أي ًضا يتأثر بالقيم‬
                                  ‫العشرين‪.‬‬
           ‫القديمة إلى حد ما‪.‬‬
‫موت بائع متجول هي مسرحية‬          ‫ثام ًنا‪ :‬دراسة‬
‫التحليل النفسي تحليلية نفسية بسبب المشاكل‬
‫لمسرحيات آرثر التي يواجهها ويلي مع نفسه‬
‫وعائلته المفككة‪ .‬ولومان هو‬        ‫ميلر‪:‬‬
   173   174   175   176   177   178   179   180   181   182   183