Page 183 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 183

‫‪181‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

  ‫مجالات كبرى هي‪ :‬العلم‪..‬‬        ‫مرسلة من مثل تأسيس‬             ‫الشائع عن أن أحد تلاميذه‬
   ‫والفنون والآداب‪ .‬والفكر‪.‬‬
    ‫ولعلنا نلحظ أن المشترك‬       ‫النقد الأدبي على أسس علمية‬     ‫هو المؤسس والمؤصل لعلم‬
   ‫بين هذه الكيانات الكبرى‬
 ‫هو اللغة‪ ،‬فهي الرابط الأكبر‬     ‫شادها التلميذ قبل الأستاذ‪.‬‬     ‫نفس الإبداع‪ ،‬وأنه قد راد‬
 ‫بينها‪ ،‬وأن العلم هو السبيل‬
‫الكاشف عن القيم الاجتماعية‬         ‫لذلك وجب علينا تصحيح‬             ‫طري ًقا لم يعرفه العلم في‬
  ‫لهذه الكيانات‪ ،‬وأن الفنون‬          ‫المفاهيم وتحرير المسألة‬         ‫مصر إلا على يديه‪ ،‬ولا‬
  ‫والآداب تمثل الوجه الآخر‬          ‫تحري ًرا تاريخيًّا من جهة‬      ‫نستطيع أن نقبل الأقوال‬
                                       ‫ريادة سويف وسبقه‪،‬‬         ‫العاطفية التي ترسخ ريادة‬
      ‫للعلم من حيث المصدر‬            ‫وعلميًّا من جهة الأعمال‬      ‫غير مستحقة لأحد تلاميذ‬
 ‫والوظيفة‪ .‬فكلاهما مصدره‬                                          ‫سويف بعد أن توفاه الله‪.‬‬
  ‫اجتماعي‪ ،‬وكلاهما وظيفته‬         ‫العلمية التي قدمها سويف‬          ‫فتاريخ العلم والريادة لا‬
                                     ‫وتمثل المجالات الرئيسة‬       ‫يحدده الولاء العاطفي ولا‬
    ‫اجتماعية أي ًضا‪ .‬فالهدف‬                                     ‫الانفعال الوقتي ولا حفلات‬
      ‫الأسمى للعلم والفنون‬         ‫التي اختطها لنفسه وسار‬       ‫التأبين وما ينتج عن لحظات‬
                                 ‫تلاميذه على هداها‪ .‬وهذا ما‬         ‫الفقد والحزن من أقوال‬
    ‫هو الإنسان الذي يبتغي‬        ‫دعانا منذ البداية إلى تسمية‬
  ‫الحرية دائ ًما بوصفها قه ًرا‬   ‫هذا العمل بما أردناه له وهو‬
‫للضرورة‪ ،‬وبوصفها امتلا ًكا‬        ‫«مصطفى سويف‪ :‬البدايات‬

    ‫للمعرفة‪ .‬فحرية الإنسان‬            ‫والمآلات»‪.‬‬  ‫والمآلات‬      ‫البدايات‬
 ‫منقوصة دائ ًما إن لم يعرف‬
                                 ‫‪-2-‬‬
    ‫وتتسع هذه الحرية بقدر‬
  ‫اتساع مساحة المعلوم على‬        ‫العلم واللغة‬
 ‫حساب المجهول‪ .‬واللغة هي‬
                                 ‫والقراءة‬
               ‫بيت الوجود‪.‬‬
   ‫فمن يقرأ منجزات سويف‬            ‫شاد سويف أبنيته العلمية‬
 ‫بعد أن رحل‪ ،‬يدرك أنه رفع‬          ‫على أسس ثلاثة هي‪ :‬العلم‬
                                    ‫واللغة والقراءة‪ .‬أما العلم‬
    ‫سمكها على هذه الأعمدة‬         ‫فهو العلم الاجتماعي‪ .‬وأما‬
‫الثلاثة وهي أعمدة كلية كان‬       ‫اللغة فهي وعاء العلم وأداته‪.‬‬

   ‫سويف على وعي بها منذ‬              ‫وأما القراءة فهي المجال‬
‫الطفولة‪ ،‬ولكنه بالتأكيد وعي‬          ‫الأرحب الذي وفر للعلم‬
 ‫يشوبه الغموض الذي يزول‬            ‫مادته كما وفر له البيانات‬
 ‫روي ًدا روي ًدا بارتقائه مدارج‬   ‫والمعلومات‪ ،‬ووفر لسويف‬
                                  ‫الحرية في الخروج من أسر‬
  ‫العلم والمعرفة من طور إلى‬          ‫المكان المحدود إلى حرية‬
    ‫طور‪ ،‬ومن بيئة إلى بيئة‪،‬‬          ‫المكان المطلق الذي تلتقي‬
                                     ‫فيه كل المنجزات الكبرى‬
‫ومن أفق محلي إلى أفق دولي‪.‬‬           ‫التي قدمها الإنسان عبر‬
     ‫ويظل هذا الوعي الأولي‬         ‫الزمن‪ ،‬وعبر اللغات‪ ،‬وعبر‬
                                    ‫الجغرافيا‪ ،‬وكل الأعراف‬
   ‫هو الأساس الذي نهضت‬            ‫والتقاليد‪ .‬وقد تبلورت هذه‬
 ‫عليه كل أعماله‪ .‬فماذا كانت‬         ‫المنجزات لدى سويف في‬

    ‫صورة هذا الوعي الأولي‬
                    ‫المبكر؟‬
   178   179   180   181   182   183   184   185   186   187   188