Page 187 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 187
شاد سويف أبنيته العلمية على أسس يقول سويف« :كانت خبرة
ثلاثة هي :العلم واللغة والقراءة .أما القراءة بالنسبة لي -ولا
العلم فهو العلم الاجتماعي .وأما اللغة
فهي وعاء العلم وأداته .وأما القراءة زالت -رحلة خارج المكان.
فهي المجال الأرحب الذي وفر للعلم فأنا في تلك اللحظات أتجاوز
مادته كما وفر له البيانات والمعلومات،
ووفر لسويف الحرية في الخروج من القاعة التي أجلس فيها.
أسر المكان المحدود إلى حرية المكان أعرف بطبيعة الحال أنني
المطلق الذي تلتقي فيه كل المنجزات أجلس في هذه الغرفة أو تلك
الكبرى التي قدمها الإنسان عبر الزمن من حجرات بيتي ،لكن هذه
المعرفة ينخفض الوعي بها
القاريء والمقروء م ًعا .ولكن أستمع إليه وهو يتكلم على شيئًا فشيئًا ليحل محلها
هذا التلقي على هذا النحو مسمع مني» ص.16 وعي بنوع آخر من المكان
يشبه أن يكون مكا ًنا مجر ًدا
أشبه بجمع رحيق الأزهار. هذا اللون من القراءة لون أو مطل ًقا ليس له صفات
فالنحلة تمتص كل الرحيق ذو طقوس منها الخلوة محدودة سوى أنه مشرق
وتحفظه ثم تتهيأ بعد ذلك ورحب وأكثر إشراقا ،وربما
لإفرازه وتنظيمه .فسويف والانقطاع عن كل الكائنات أشد رحابة مما أعرف .فأنا
ينتقد الكاتب المقروء وينشئ المحيطة ،ومنها التوحد مع لا أرى فيه أركا ًنا مظلمة،
معه حوا ًرا جدي ًدا بعد الجمع المقروء في حال من التلقي ولا أعرف له حدو ًدا مرئية.
والتخزين والاستيعاب بما والاستقبال ،ومنها صعود
يعني الابتعاد لوقت ما عن الحال بالذهول عن الجسد في هذا النوع من المكان
تأثير المقروء والانفعال به. أجدني قار ًئا» ص .15ويحدد
حتى يمكن الذهول عن سويف كيف يتحول الصوت
يقول سويف عن الكاتب ضيق المكان الذي لم يعد له الصامت إلى صوت مسموع
الذي يستمع إليه“ :قد حدود ولا أركان مظلمة .فهو
أكثر إشرا ًقا وأكثر رحابة. في داخل النفس بحيث لا
أستمهله من حين لآخر لأن يرتقي إلى كونه حوا ًرا في
عقلي لا يكاد يلاحقه .وقد في هذا المكان تتحقق كل حال ويظل مناجاة فردية.
أطوي الكتاب لكي أرغمه الحرية للقاريء في استقبال وما هذه المناجاة إلا ترديد
صوت القاريء مختل ًطا بما
على التمهل أو التوقف حتى الكاتب الذي يتحول إلى يتوهمه من صوت المقروء.
أسترد أنفاسي ،غير أني لا صورة متخيلة ،واستقبال
أحاوره ،ولا أجدني مستع ًدا عالمه من الأفكار على علاتها وكأن القراءة حال من
للجدل إلا في مرحلة تالية، دون المساس بها وبصوته أحوال الوجد هي بين الوعي
عندما أترك الكتاب وأنصرف
عنه ،وأستريح من أصداء المسموع .والمناجاة هنا والذهول عن المكان «ثم
هي إرسال بفعل المتلقي لا تلبث القراءة أن تصبح
واستقبال بإراداته فكأنه استما ًعا للكلمات مقروءة
بصوت أقرب إلى صوت
المؤلف كما أتخيله .وتفقد
القراءة بذلك هويتها لتصبح
لو ًنا من المناجاة .نعم تصبح
مناجاة وليست حوا ًرا .فأنا
لا أناقش الكاتب عادة ولكني