Page 191 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 191

‫‪189‬‬            ‫الملف الثقـافي‬

‫يوسف الشاروني‬  ‫لويس عوض‬          ‫زكي نجيب محمود‬                   ‫معرفي يجمع بين الغايتين‬
                                                                   ‫العلم والمجتمع‪ .‬ولم يكن‬
 ‫طه حسن كان هو النموذج‬           ‫الحضارة الغربية في ماضيها‬      ‫أمامه في ذاك الوقت نموذج‬
‫الأكثر حضو ًرا على الساحة‬            ‫وحاضرها‪ ،‬وفي تحديث‬          ‫عصامي فريد أشبه بالبطل‬
‫الثقافية والعلمية منذ عودته‬          ‫المجتمع‪ ،‬وتحرير العقل‪.‬‬      ‫الأسطوري غير نموذج طه‬
                                                                ‫حسين الذي قهر الضرورة‬
  ‫من فرنسا حتى منتصف‬             ‫وغدا طه حسين بذلك نموذج‬           ‫‪-‬العمى والفقر والجهل‪-‬‬
    ‫الستينيات‪ .‬وكان الأبلغ‬         ‫العالم المتكامل كما حلم به‬   ‫وتابوهات اجتماعية ودينية‬
  ‫تأثي ًرا‪ ،‬والأغزر إنتا ًجا في‬     ‫سويف‪ ،‬القادر على تغيير‬      ‫على رأسها الأزهر‪ ،‬وتخطى‬
  ‫مجالات كثيرة منها العلم‬            ‫المجتمع وتحقيق الوجود‬          ‫كل العوائق في الجامعة‬
  ‫واللغة والفلسفة والفنون‪.‬‬            ‫الفعال عبر العلم واللغة‬   ‫المصرية بعد نيله الدكتوراه‬
‫فطه حسين أبلغ من مارس‬             ‫والقراءة‪ ،‬وعلى نهجه مضى‬        ‫ليستقر به المقام في مسعى‬
    ‫الشك المنهجي في زمنه‪،‬‬                                         ‫جديد وتح ٍّد من نوع آخر‬
‫وكانت لديه القدرة والجرأة‬         ‫سويف‪ .‬ولا نستطيع الجزم‬        ‫في بلاد ‪-‬فرنسا‪ -‬لا يعرفها‬
                                   ‫بأن طه حسين كان وحده‬        ‫ولا تعرفه‪ .‬لذلك كانت «أيام»‬
     ‫النادرة على أن يصدم‬              ‫النموذج الذي استلهمه‬        ‫طه حسين أول عمل أدبي‬
    ‫المجتمع العلمي والثقافي‬           ‫سويف‪ ،‬فقد كان هناك‬            ‫شغف به الفتى سويف‬
   ‫في الجامعة وفي خارجها‬             ‫نماذج ملهمة أخرى مثل‬        ‫وقرأه عدة مرات في صيف‬
  ‫في أهم ثابتين من ثوابته‪:‬‬          ‫عبد الرحمن بدوي وفؤاد‬        ‫واحد‪ .‬وإذا كان طه حسين‬
‫الدين والشعر الجاهلي‪ .‬ففي‬         ‫زكريا وزكي نجيب محمود‬             ‫نموذ ًجا مله ًما‪ ،‬فإن هذا‬
 ‫كتابه «في الشعر الجاهلي»‬              ‫ويوسف مراد ‪-‬أستاذ‬            ‫النموذج أبحر في خضم‬
 ‫دعا إلى هجر منهج الترديد‬            ‫سويف‪ -‬ولويس عوض‬                ‫الحضارات القديمة عند‬
  ‫والاجترار على يد أستاذه‬         ‫وأمين الخولي وغير هؤلاء‪،‬‬      ‫اليونان واللاتين وتوفر على‬
  ‫سيد المرصفي واصطناع‬                 ‫ولكني أعتقد أن نموذج‬        ‫اليونانية واللاتينية وقدم‬
                                                               ‫تراثهما الكلاسيكي إلى أمته‪.‬‬
                                                               ‫قدم لها ديمقراطية الأثينيين‪،‬‬
                                                                    ‫كما قدم لها أريستوفان‬
                                                                   ‫وسوفوكليس‪ ،‬وقدم لها‬
                                                                    ‫أفلاطون وأرسطو‪ .‬ولم‬
                                                               ‫يكتف بذلك‪ ،‬بل قدم في إطار‬
                                                                ‫متواز الفكر الاجتماعي عند‬
                                                               ‫ابن خلدون‪ ،‬وبعث أبا العلاء‬
                                                                    ‫الفيلسوف والشاعر من‬
                                                               ‫مرقده بعثًا جدي ًدا‪ .‬وهو بذلك‬
                                                                   ‫يحقق غايات النهضة في‬
                                                                ‫تجديد التراث بإعادة قراءته‬
                                                               ‫في ضوء مقتضيات النهوض‬
                                                                ‫الاجتماعي ومنجزات العلم‪،‬‬
                                                                    ‫وفي صياغة العلاقة مع‬
   186   187   188   189   190   191   192   193   194   195   196