Page 195 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 195

‫‪193‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

 ‫باحتياجات هذا الواقع للعلم‬        ‫الثاني‪ .‬يقول‪“ :‬سرعان‬            ‫منذ منتصف الأربعينيات‬
‫بجناحيه النظري والتطبيقي‪.‬‬         ‫ما تبلورت صورتي أمام‬           ‫ومدى تأثير المجتمع الدولي‬
                               ‫نفسي باعتباري متخص ًصا‬
  ‫لذلك امتد به الوقت ليصل‬          ‫أو ساعيًا للتخصص في‬             ‫في أوروبا وأمريكا على ما‬
      ‫إلى ما وصل إليه‪ .‬فقد‬      ‫علم النفس في المقام الأول‪،‬‬         ‫يحدث في مصر‪ .‬فقد كان‬
                                ‫ومثق ًفا مهت ًّما بالمشاركة في‬    ‫واعيًا بالمخاض الاجتماعي‬
   ‫نال الدكتوراه في الأسس‬        ‫الثقافة العريضة في المقام‬
 ‫النفسية للتكامل الاجتماعي‬      ‫الثاني» ص‪ .25‬وقد تبلور‬               ‫العنيف بين من يمثلون‬
                                ‫هذا التخصص بعد أن عاد‬                  ‫اليمين المتطرف‪ ،‬ومن‬
       ‫‪1954‬م‪ ،‬ومع أن هذه‬        ‫إلى مصر ‪ 1957‬من رحلته‬                 ‫يمثلون تيارات اليسار‬
 ‫الدرجة قد نقلته نقلة كيفية‬    ‫إلى بريطانيا من أجل تجويد‬
 ‫كما يقول‪« :‬وشعرت حينئذ‬       ‫العلم‪ .‬ولم تكن مصر في حال‬           ‫الفكرية‪ ،‬وبحركة الأحزاب‬
  ‫بأن السنوات التي قضيتها‬     ‫أفضل أو على حد قوله كانت‬              ‫المفتتة‪ ،‬وبسياسة القصر‬
                                 ‫تعاني من تقلصات منهكة‬            ‫ذات الرائحة العفنة على حد‬
   ‫في إعداد هذه الرسالة قد‬                                         ‫وصفه‪ ،‬وسياسة الإنجليز‬
‫أنضجتني بصورة لم أعهدها‬             ‫طوال فترة الستينيات‪.‬‬           ‫وتواطؤهم مع القصر على‬
 ‫من قبل‪ .‬أنضجتني في العلم‬           ‫يقول سويف‪« :‬وعنيت‬
‫وفي الحياة»‪ ،‬فإنه قد أمضى‬         ‫في هذه الفترة بمزيد من‬             ‫حساب القوى الوطنية‪.‬‬
                              ‫التجويد في بحوثي الخارجية‬           ‫وكان واعيًا بنشاط الثقافة‬
  ‫أكثر من ثماني سنوات في‬           ‫والداخلية‪ ،‬أدا ًء وكتاب ًة‪.‬‬
     ‫تطوير مهاراته وأدواته‬     ‫واتسعت رقعة هذه البحوث‬               ‫والمثقفين وازدهار العمل‬
                                 ‫حتى استقرت حول ثلاثة‬                ‫الصحفي‪ .‬لذلك رأى أن‬
‫وخبراته ما بين لندن ومصر‬          ‫مجالات لظواهر السلوك‬            ‫دوره الحقيقي هو الانحياز‬
‫ليصل إلى القول الفصل فيما‬          ‫البشري‪ :‬أحدها ظواهر‬          ‫إلى التغيير الكيفي عن طريق‬
‫أراده من مجالات التخصص‬            ‫المرض النفسي‪ .‬والثاني‬           ‫العلم والثقافة‪ ،‬وحماية هذا‬
                                   ‫تعاطي المخدرات‪ .‬وكان‬             ‫الدور من أخطار التشتت‬
   ‫التي كتب فيها كل أبحاثه‬         ‫ثالثها ما بدأت به حياة‬        ‫مما دعاه إلى تحديد أهدافه‪،‬‬
      ‫وكتبه ومقالاته وهي‪:‬‬        ‫التخصص‪ ،‬الإبداع الفني‬              ‫وتحديد وسائله وتحديد‬
                               ‫ولكن على إطلاقه”‪ .‬ص‪.33‬‬             ‫الفئات المستهدفة والجهات‬
   ‫‪ -‬ظواهر المرض النفسي‪.‬‬        ‫فخطاب التخصص أساسه‬                ‫المعاونة‪ .‬وبناء على كل ذلك‬
        ‫‪ -‬تعاطي المخدرات‪.‬‬       ‫علم النفس وليس الفلسفة‬          ‫حدد إطار التخصص‪ ،‬وحدد‬
        ‫‪ -‬علم نفس الإبداع‪.‬‬      ‫التي شكلت قاعدة منهجية‬           ‫مجالاته العلمية والتطبيقية‪.‬‬
                                 ‫واسعة وعميقة حددت له‬              ‫ولم يصل إلى هذا التحديد‬
  ‫وراح يحقق كل مجال من‬         ‫الكيفيات كما قال‪ ،‬والمواقف‬
     ‫هذه المجالات من خلال‬     ‫والاتجاهات‪ ،‬وزودته بالعقل‬                 ‫الصارم إلا في مطلع‬
     ‫العمل الجماعي أو فرق‬      ‫النقدي الفعال‪ .‬وقد تبلورت‬            ‫الستينيات مع أنه وضع‬
     ‫العمل التي قادها‪ .‬ففي‬         ‫مجالات هذا التخصص‬
                                  ‫بناء على مدار استجاباته‬             ‫أساسه المتين في نهاية‬
‫المجال الأول عمل مع وزارة‬          ‫المعرفية لمتطلبات الواقع‬           ‫الأربعينيات وبالتحديد‬
‫الصحة المصرية‪ .‬وفي المجال‬         ‫الاجتماعي‪ ،‬ومدى وعيه‬           ‫أثناء فترة بحثه للماجستير‬
                                                                   ‫“الأسس النفسية للإبداع‬
      ‫الثاني عمل مع المركز‬                                      ‫الفني في الشعر خاصة”‪ .‬فقد‬
 ‫القومي للبحوث الاجتماعية‬                                         ‫نص على أنه متخصص في‬
‫والجنائية‪ .‬والمجال الثالث في‬                                      ‫علم النفس في المقام الأول‪،‬‬
  ‫جامعة القاهرة‪ .‬وقد أسفر‬                                        ‫وأنه مثقف مهتم بالمشاركة‬
                                                                 ‫في الثقافة العريضة في المقام‬
    ‫هذا التخطيط العلمي عن‬
    ‫عملين مهمين يمثلان ما‬
   ‫أعلنه من قبل وهو خطاب‬
    ‫العلم الحقيقي وتجويده‬
‫بالنشر في الدوريات الدولية‬
   190   191   192   193   194   195   196   197   198   199   200