Page 193 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 193

‫‪191‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

   ‫المصري في سبيل التحرر‬       ‫أحد أطراف الخريطة الثقافية‬        ‫واغتيال أو التصفية الجسدية‬
  ‫والوحدة الوطنية وتحديث‬          ‫التي تفاعل معها سويف‪.‬‬          ‫من حين لآخر‪ ،‬وقصر ملكي‬
‫المجتمع وتحرير العقل‪ .‬ومن‬           ‫فقد بدا الشرقاوي غير‬
  ‫ثم فإن سويف لم يأت من‬             ‫راض عما انتهى إليه في‬              ‫رائحته عفنة»‪ .‬ص‪.26‬‬
                                   ‫الشعر وسافر إلى فرنسا‬           ‫في هذا المخاض الاجتماعي‬
    ‫فراغ ولم يعمل في فراغ‪.‬‬         ‫وكتب قصيدته الشهيرة‬             ‫العنيف الذي جمع المثقفين‬
‫فقد كانت أمامه طرق ممهدة‬                                           ‫والتيارات الفكرية والدينية‬
                                ‫«من أب مصري إلى الرئيس‬              ‫والأحزاب والقصر‪ ،‬أبصر‬
    ‫وتجارب ميسرة ونماذج‬            ‫ترومان» منفع ًل بأحداث‬         ‫سويف طريقه‪ ،‬فاكتشف أن‬
‫بشرية ملهمة حية ومعطاءة‪.‬‬                                            ‫هذه الفترة النصف الثاني‬
 ‫وكان قاد ًرا على التفاعل مع‬    ‫الحرب بين الكوريتين وبما‬            ‫من الأربعينيات‪ ،‬مزدهرة‬
                                 ‫فعلته أمريكا في هيروشيما‬         ‫بالنشاط الصحفي من جهة‪،‬‬
   ‫هذه التجارب‪ ،‬والتواصل‬       ‫ونجازاكي وأرسلها إلى أحمد‬
   ‫مع مصادر العلم والتعلم‬        ‫بهاء الدين الذي قرأها على‬             ‫وبالأدب السياسي من‬
‫والثقافة والفكر في مصر وفي‬                                        ‫جهة أخرى‪ .‬فظهرت جرائد‬
 ‫أوروبا‪ .‬ونستطيع القول إن‬           ‫أسماع سويف وزوجته‬
‫سويف حدد توجهاته ومعالم‬         ‫فاطمة موسى وفتحي غانم‬                ‫«الزمان» و»أخبار اليوم»‬
   ‫مسيرته على هدي من هذا‬       ‫«وعندما فرغ بهاء من قراءته‬            ‫و»الوادي» و»الجماهير»‬
 ‫التفاعل بين وعيه المجتمعي‬
    ‫بضرورة تحرير المجتمع‬           ‫كنا على يقين من أن عبد‬               ‫و»النداء» و»الطليعة»‪.‬‬
‫وتغييره‪ ،‬وبين اعتماده العلم‬         ‫الرحمن قد فتحت أمامه‬            ‫وقرأ لطه حسين ولمندور‬
    ‫سبي ًل لهذا التغيير‪ .‬وبما‬       ‫أبواب الشعر»‪ .‬ص‪.28‬‬              ‫مقالاتهما الصحفية «ومع‬
   ‫أن سويف ضم إلى العلم‪،‬‬                                           ‫هذه الفورة نشطت الحركة‬
‫الفنون والآداب وأنظمة الفكر‬            ‫‪-4-‬‬                       ‫الثقافية بشكل عام‪ ،‬فصدرت‬
   ‫الفلسفي‪ ،‬فقد حدد مجاله‬      ‫النضوج وقطف الثمار‬                     ‫عن دار المعارف سلسلة‬
  ‫العلمي والثقافي‪ .‬وبناء على‬                                          ‫«اقرأ» وصدرت عن دار‬
  ‫ذلك فقد حدد غاياته وحدد‬          ‫لعلنا نلحظ فيما سبق أن‬
  ‫مجالات تخصصه العلمي‪.‬‬            ‫مكونات الوعي الأولي عند‬              ‫الكاتب المصري «مجلة‬
                                                                 ‫الكاتب المصري» وكان يرأس‬
     ‫أما عن الأولى‪ :‬الغايات‪،‬‬        ‫سويف هي نفسها التي‬            ‫تحريرها طه حسين ويكتب‬
   ‫فيقول سويف‪« :‬انغمست‬              ‫استمرت معه واكتسبت‬
                                 ‫اتسا ًعا وتبلو ًرا عظي ًما عبر‬     ‫فيها مقالات بالغة الدلالة‪،‬‬
       ‫في العمل العلمي بحثًا‬    ‫تجربته العلمية والمجتمعية‪،‬‬           ‫ويستكتب إلى جانب ذلك‬
  ‫وتدري ًسا‪ ..‬ولسان حالي أن‬       ‫وأن هذه المكونات لم يكن‬         ‫أشخا ًصا ذوي أسماء لامعة‬
  ‫أبشر بالعلم طري ًقا لمعالجة‬   ‫لها أن تؤتي ثمارها لولا أن‬          ‫من أمثال سهير القلماوي‬
  ‫الهم العام‪ .‬حرصت في كل‬         ‫وجدت تربة علمية وثقافية‬            ‫وسليمان حزين”‪ ،‬وهيلدا‬
                                     ‫نشطة وخصبة تهيأت‬             ‫زالوشر وهي كاتبة مرموقة‬
    ‫خطوة على أن أستوضح‬            ‫عبر أطوار الوعي بأركان‬           ‫في فلسفة الفن ونشرت في‬
  ‫صيغة للعمل تجمع شتات‬           ‫النهضة وغاياتها ابتداء من‬         ‫مجلة الكاتب مقالتين حين‬
                                  ‫رفاعة الطهطاوي ومرو ًرا‬        ‫زارت مصر‪ .‬وفي هذه الآونة‬
    ‫جهدي‪ .‬كانت طموحاتي‬             ‫بإنشاء الجامعة المصرية‬        ‫أيضا نشر طه حسين «الفتنة‬
    ‫متشعبة وكنت وما زلت‬            ‫ووصو ًل إلى طه حسين‪.‬‬            ‫الكبرى» ونشر فتحي غانم‬
                                     ‫وأن المصريين رسخوا‬          ‫رواية «الجبل» ونشر يوسف‬
       ‫أخاف كل الخوف أن‬           ‫إنجازات مهمة في المجتمع‬         ‫الشاروني»المعدوم الثامن»‪.‬‬
‫تجرفني أخطار التوزع‪ .‬كان‬                                         ‫وكان عبد الرحمن الشرقاوي‬

    ‫همي الأول أن أنتج عل ًما‬
    ‫حقيقيًّا‪ .‬ووضعت نصب‬
   188   189   190   191   192   193   194   195   196   197   198