Page 198 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 198

‫العـدد ‪33‬‬                            ‫‪196‬‬

                              ‫سبتمبر ‪٢٠٢1‬‬                           ‫من الثلاثة المعروفين‬
                                                                     ‫بمواقفهم السياسية‬
     ‫بما يلائم ظروف البيئة‬       ‫أن يدخل جيبي مليم غير‬       ‫والاجتماعية المنحازة للحرية‬
      ‫الخارجية واستعداداته‬      ‫وطني‪ .‬ومع أن سويف لم‬             ‫والديمقراطية‪ ،‬وهم‪ :‬عبد‬
      ‫الفطرية‪ .‬والفكر نفسه‬       ‫يعلن موقفه اليساري ولم‬       ‫الرحمن الشرقاوي‪ .‬وفتحي‬
  ‫لون من ألوان هذا النشاط‪.‬‬       ‫يمارس السياسة العملية‪،‬‬          ‫غانم‪ .‬وأحمد بهاء الدين‪.‬‬
  ‫وأما المدخل الثاني فيحاول‬                                  ‫وقد أعلن سويف موقفه من‬
    ‫أن يحدد لمشكلة التكامل‬        ‫فقد اعتقل هو وصديقاه‬          ‫ثورة يوليو وخاصة فيما‬
‫الاجتماعي وللفيلسوف الذي‬         ‫يوسف الشاروني وأنور‬           ‫يتعلق بمسألة الديمقراطية‬
   ‫يدرسه موضعه في الإطار‬                                      ‫السياسية والحريات ولكنه‬
   ‫التاريخي‪ .‬فتبين نوع هذا‬          ‫كامل مؤسس الحركة‬          ‫لم يكن إعلا ًنا صري ًحا يمثل‬
 ‫الإطار أو اللون الغالب عليه‬  ‫اليسارية في مصر وصاحب‬              ‫موق ًفا يدافع عنه‪ .‬فيذكر‬
 ‫من ناحية ونوع الاستجابة‪.‬‬     ‫مجلة “التطور” التي صدرت‬        ‫قدري حفني في المقال المشار‬
   ‫وبذلك ترد للفكر حيويته‪.‬‬                                       ‫إليه أن سويف سجل في‬
     ‫ولعلنا نلحظ أن سويف‬                    ‫عام ‪1940‬م‪.‬‬         ‫إحدى مقابلاتهم أنه حدث‬
   ‫في هذا المقال درس معنى‬      ‫وأما ما كتبه وتبنى فيه هذا‬     ‫خلاف حاد بينه وبين مراد‬
      ‫التكامل الاجتماعي من‬                                   ‫(أستاذه يوسف مراد) عقب‬
   ‫منظور تاريخي اجتماعي‪،‬‬         ‫المنهج الاجتماعي‪ ،‬فمقاله‬         ‫قيام الثورة‪ ،‬حيث طلب‬
    ‫ورد الظاهرة إلى أصولها‬         ‫المطول الذي نشره عام‬       ‫منه مراد في أواخر ‪1952‬م‬
 ‫الاجتماعية في فترة تاريخية‬        ‫‪1950‬م العدد ‪ .2‬باسم‬         ‫أن يعاونه في تطبيقات علم‬
    ‫معينة‪ ،‬وأنه نص على أن‬                                    ‫النفس في الجيش‪ .‬ويبدو أن‬
  ‫الفكر نفسه لون من ألوان‬       ‫“معنى التكامل الاجتماعي‬        ‫مراد كان على ثقة تامة من‬
    ‫النشاط الاجتماعي‪ .‬وهذا‬    ‫عند برجسون” في مجلة علم‬        ‫موافقة سويف على ذلك‪ .‬ولا‬
  ‫يؤيد توجهه الاجتماعي في‬                                    ‫غرو فهو تلميذه الأثير الذي‬
  ‫دراساته وأبحاثه كلها‪ ،‬كما‬      ‫النفس أثناء فترة دراسته‬       ‫ما زال ينجز رسالته تحت‬
‫يؤكد على الوظيفة الاجتماعية‬      ‫موضوع الدكتوراه باسم‬         ‫إشرافه‪ .‬فإذا بسويف يقول‬
  ‫للعلم بوصفه أحد الأنشطة‬        ‫“الأسس النفسية للتكامل‬       ‫بوضوح‪ :‬أنا لا أستطيع أن‬
‫الاجتماعية من جهة‪ ،‬وسبي ًل‬     ‫الاجتماعي”‪ .‬يفتتح سويف‬           ‫أضع علمي في خدمة هذا‬
   ‫لمواجه‪ .‬واللافت للنظر أن‬                                      ‫الحكم الاستبدادي‪ .‬ولم‬
 ‫سويف كتب هذا المقال أثناء‬           ‫هذا المقال بحديثه عن‬     ‫يمض وقت طويل إلا وطلب‬
   ‫بحثه عن الأسس النفسية‬         ‫مدخلين لدراسة “مشكلة‬        ‫مراد من سويف في منتصف‬
‫للتكامل الاجتماعي بما يشير‬        ‫التكامل الاجتماعي”‪ ،‬أما‬    ‫‪1953‬م الاشتراك في ترجمة‬
 ‫إلى أن البحث في علم النفس‬       ‫الأول فهو تناول المشكلة‬           ‫كتاب جلفورد لحساب‬
‫ذو صلة بالجذور الاجتماعية‬                                    ‫مؤسسة فرانكلين الأمريكية‪،‬‬
                                   ‫باعتبارها موجو ًدا فع ًل‬   ‫فاعتذر له عدة مرات متعلِّ ًل‬
       ‫للظاهرة أو الموضوع‬      ‫دون النظر فيما يحيط بهذا‬          ‫بانشغاله‪ .‬وتحت إلحاح‬
                  ‫المبحوث‪.‬‬    ‫الوجود من ظروف تاريخية‬         ‫مراد‪ ،‬قال له سويف أنا غير‬
                               ‫عملت على تشكيله وتوجيهه‬       ‫مستعد أن أترجم للأمريكان‬
 ‫ومما سبق يتبين أن سويف‬                                      ‫أو للروس‪ .‬وأنا غير مستعد‬
   ‫لم يستطع أن يحدد معالم‬         ‫وجهة خاصة‪ ،‬والاكتفاء‬
  ‫تخصصه العلمي بمجالاته‬            ‫بالنظر في بنائه الداخلي‬
        ‫المعروفة إلا في مطلع‬     ‫ومدى تماسكه‪ ،‬وامتحان‬
                                ‫صدق الارتباط وقوته بين‬
‫الستينيات من القرن الماضي‪،‬‬       ‫النتائج والمقدمات‪ .‬وعيب‬
                              ‫هذا المدخل في رأيه أنه يغفل‬
                                   ‫جانبًا مه ًّما من جوانب‬
                                 ‫الموضوع‪ .‬يغفل أن الفكر‬
                               ‫نتاج حي‪ .‬أنتجه كائن يحيا‬
                                ‫في بيئة اجتماعية‪ ،‬ويتكيف‬
                                   ‫في جميع وجوه نشاطه‬
   193   194   195   196   197   198   199   200   201   202   203