Page 185 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 185
183 الملف الثقـافي
ما كنت أجلس منفر ًدا في قادته اللغة العربية والقراءة الغاية كما تضبطها الفلسفة.
إحدى الحجرات لأقرأ بعض إلى اشتباك أكبر وأوسع مع -أن سويف في النهاية بلور
مفهو ًما للعلم على مستويين:
النصوص الأدبية بصوت اللغة الإنجليزية المعاصرة
مسموع ،أو لأقرأ سورة بوصفها لغة العلم والفكر مستوى تحدده القواميس،
أو بضع سور من القرآن ومستوى آخر تمتزج فيه
الكريم .أنا القاريء وأنا والأدب ،وهي المجالات عناصر متعددة لا يتبين منها
المستمع .وكنت ألقى في الثلاثة التي شغلته واتخذ إلا القليل .منها أن العلم هو
ذلك نو ًعا من المتعة لا أدري منها منابر لخطابه العلمي المعرفة الصادقة ،وأن العلم
أين تقودني ،ولكني كنت والفكري والأدبي لجمهوره
أرحب بها خالصة لذاتها» في مصر والعالم العربي قيمة ،وأن العلم ينطوي
ص .13ولكن هذا الولع على شعاع من القداسة.
باللغة ونصوصها لم يكن والعالم الآخر في أوربا
وج ًها لمرحلة بعينها ،بل وأمريكا وآسيا وأفريقيا، وقد اقترن هذا الوعي
كان نبتًا أينع وأثمر وآتى المبكر بمعنى العلم وأهميته
أكله طوال مسيرة سويف عبر مؤتمراته وأبحاثه بوعي آخر وصفه سويف
الممتدة إلى مشارف القرن وعضوياته في المنظمات باكتشاف الحس اللغوي ،فما
من الزمن« .وقد استمر هذا الدولية مثل منظمة الصحة هذا الوعي وما صلته باللغة؟
الشغف بنطق اللغة العربية
يصحبني في سنوات العمر العالمية. اللغة:
التالية .وامتد ليشمل القراءة فمعنى العلم عنده كان
والاستماع م ًعا سواء أكنت معنًى أوليًّا مبك ًرا ،واكتشاف لم يبق في ذاكرة سويف
أنا القاريء أم لم أكن .ثم وعيه باللغة كان وعيًا من أصداء ذكريات الطفولة
امتد ليشمل قد ًرا ملحو ًظا أوليًّا مبك ًرا ،وكلاهما نما المبكرة إلا انطباع واحد بارز
من الاهتمام بسلامة اللغة في وتطور عبر مراحل التطور هو بروز الحس اللغوي الذي
جبهاتها جمي ًعا .وامتد أكثر العلمي التي مر بها سويف. توقف عنده وعده أحد أركان
من ذلك ليصير جه ًدا دؤو ًبا وكلاهما لم ي ْن ُم ولم يتطور
على التمكن منها ،وأصبحت إلا بالقراءة بوصفها منتجة مسيرته الكبرى ،مع أن
ولا أزال ألتمس الأسباب من للعلم ومحققة للغة وللوجود مرحلة الطفولة هي مرحلة
حين إلى آخر لأقضي بعض الإنساني الفعال الذي نعده تفتح بدايات الوعي بمختلف
الوقت قار ًئا في معاجمها وما أبلغ وصف وأدقه يتاح
هو أقرب إلى المعاجم .من لنا أن نطلقه على مصطفى القدرات والملكات ،ولكن
هذا القبيل قراءاتي في (لسان انتباه سويف إلى هذه النقطة
العرب) وفي (فقه اللغة) سويف.
للثعالبي ،وفي (الفروق في يقول« :لا يبقى في ذاكرتي البعيدة في أعماق الزمن،
اللغة) لأبي هلال العسكري، يدل على أن اللغة كما وعاها
وفي (إصلاح المنطق) لابن عن هذه الفترة من عهد
التلمذة إلا انطباع واحد ونماها ورعاها ظلت ركنًا
السكيت» .ص.14/13 بارز يدور حول بزوغ ركينًا في مسيرته .سمى
فلهذا الولع أو الشغف باللغة سويف وعي طفولته باللغة
الحس اللغوي عندي، «الحس اللغوي» ،ثم في
وجوه ،منها: وتكاتفت عدد من العوامل مرحلة تالية سماها «اللغة»،
ثم حدد اللغة باللغة العربية
المدرسية والأسرية على وهي لغته الأم التي فتحت
تنشيطه» ص .13ثم يذكر له كل آفاق القراءة في الأدب
مدى شغفه وولعه باللغة والفكر والثقافة العربية ،ثم
وجرسها «وأذكر فيما أذكر
عن تلك المرحلة أنني كثي ًرا