Page 240 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 240

‫العـدد ‪33‬‬          ‫‪238‬‬

                                                                   ‫سبتمبر ‪٢٠٢1‬‬    ‫بعمليات الغلق الذهني التي‬
                                                                                ‫قد تطول أو تقصر‪ ،‬ويتوقف‬
‫والكتاب التراجيديين أمثال‬            ‫التي تقوم عليها الفوارق‬
 ‫«أخيل»‪ ،‬و»سوفوكليس»‪،‬‬               ‫في الكتابة الإبداعية؛ حيث‬                          ‫ذلك على مد َّى واقعية‬
                                    ‫يتوقف الإلهام على دوافع‬                       ‫الكاتب ومدى إلحاح الفكرة‬
   ‫مع ذلك لم ي َّد ِع أب ًدا أنه‬  ‫الشخصية‪ ،‬ويتوقف الجهد‬
 ‫اكتشف اللاوعى؛ إنما أكد‬                                                             ‫عليه‪ ،‬ومدى ما لديه من‬
                                       ‫على التنظيم‪ ،‬و»تكامل‬                      ‫محافظة على الاتجاه‪ ،‬ومدى‬
   ‫على أن معرفته به تمت‬            ‫الدوافع الضمنية والدوافع‬                       ‫إحباط أو تشجيع الظروف‬
 ‫من خلال الشعراء‪ ،‬والنقد‬
                                         ‫الصريحة والقدرات‬                          ‫الاجتماعية له ولإبداعاته‪،‬‬
     ‫التحليلي الذي أسسه‬                  ‫المتصورة التي تمثل‬                        ‫فرأى أن عمليات الغلق قد‬
     ‫«سارتر» تعلق بشكل‬            ‫النموذج التعويضي للتحفيز‬                         ‫تكون راجعة إلى صعوبات‬
   ‫دقيق بالفينومينولوجيا‬
‫المستوحاه من «هوسيرل»‪،‬‬                        ‫على العمل»(‪.)10‬‬                        ‫سيكولوجية أو ضغوط‬
     ‫وفي الوقت نفسه من‬                                                            ‫اجتماعية أو نتيجة لحالات‬
   ‫علم الأخلاق الوجودي‪،‬‬                  ‫خاتمة‬                                     ‫الإجهاد العصبي‪ ،‬وتس َّمى‬
    ‫والحقيقة أن «سارتر»‬
  ‫أخذ عن التحليل النفسي‬                 ‫علينا أن نختتم المقال‬                        ‫عمليات الغلق باللحظات‬
   ‫الفرويدي الفكرة القائلة‬           ‫الحالي بالتصديق على أن‬                         ‫الحرجة التي قد يواجهها‬
                                     ‫الاتجاه النفسي في النقد‬                      ‫المبدع ويعانيها‪ ،‬ويكون لها‬
       ‫بأن تكرار المواقف‬            ‫الأدبي استهدف في بادئ‬                       ‫تأثير حاسم في تطوير الفكرة‬
   ‫والأحلام يحدث نتيجة‬              ‫الأمر تحليل الشخصيات‪،‬‬                         ‫أو تنفيذها‪ ،‬سواء بالاندفاع‬
  ‫تعلق أو تثبيت ‪Fixation‬‬            ‫ثم تناول علاقة شخصية‬                            ‫نحو إنجازها أو بالخمود‬
‫أو صدمة ‪ ،Trauma‬ولذلك‬                ‫الكاتب بإبداعه‪ ،‬ثم انتقل‬                    ‫وفقدان الحماس‪ ،‬واعتبر أن‬
   ‫يقول «رينيه ويليك» إن‬           ‫إلى استجابة المتلقي للنص‬                       ‫هناك عدة أسباب قد تؤدي‬
  ‫قراءة الأدب نفسيًّا تمتد‬        ‫والتفضيلات الأدبية؛ فالنقد‬                     ‫إلى عمليات الغلق من أهمها‪:‬‬
   ‫خلف سطحه الظاهري‪،‬‬                 ‫البنيوي تعامل مع النص‬                         ‫ندرة ظهور أفكار جديدة‪،‬‬
  ‫أى كشف القناع عنه(‪،)11‬‬             ‫الأدبي كأنه عالم مستقل‬                      ‫وتعرف هذة الندرة بالركود‬
 ‫ومع ظهور العالم الشهير‬               ‫قائم بذاته بعي ًدا عن أية‬                   ‫النسبي‪ ،‬وفقدان الرغبة في‬
  ‫«شارل مورون» اكتسب‬                ‫معلومات خارجية أ ًّيا كان‬                        ‫تهيئة الظروف الإبداعية‬
‫النقد النفساني الأدبي حق‬           ‫مصدرها نفسيًّا أو تحليليًّا‬                  ‫المناسبة‪ ،‬ذلك أن الصراع بين‬
    ‫المواطنية في الدراسات‬             ‫أو اجتماعيًّا أو تاريخيًّا‪،‬‬               ‫المبدع والواقع شىء محتوم‪.‬‬
                                   ‫لنجد «فرويد» الذي أسس‬                          ‫وعلى الرغم من أن الدراسة‬
      ‫الجامعية؛ حيث لجأ‬           ‫التحليل النفسي انطلا ًقا من‬
    ‫إلى طريقة المطابقة بين‬          ‫أعراض الهيستيريا ‪-‬التي‬                           ‫الموضوعية للأدب ترى‬
 ‫النصوص المختلفة للكاتب‬              ‫وصفها كأجساد متكلمة‬                             ‫أن الكتابة الأدبية عملية‬
   ‫الواحد؛ فوجد أن هناك‬                                                          ‫إرادية مسؤولة‪ ،‬لا صلة لها‬
    ‫مجموعات من الصور‬                  ‫عبر شبكة رمزية ولغة‬                       ‫باللاوعى ‪-‬إلا قلي ًل‪-‬؛ فهناك‬
‫والتراكيب الدرامية تتكرر‪،‬‬             ‫تتجاوز اللغات والمعرفة‬                     ‫بعض الخصائص اللاإرادية‬
   ‫تلك الشبكات التكرارية‬                                                        ‫للعملية الإبداعية مثل الوحى‪،‬‬
    ‫ُتظهر شخصية الكاتب‬                  ‫اللسانية‪ ،-‬كان أديبًا‬                   ‫الاستبصار‪ ،‬الإلهام‪ ،‬الحدس‪،‬‬
 ‫اللاواعية بمقدار ما ُتظهر‬            ‫ومحبًّا للفن‪ ،‬له علاقات‬                   ‫الإشراق‪ ،‬التوتر‪ ،‬والمصادفات‬
  ‫بنا ًء ثابتًا للتخيلات التي‬     ‫بكبار الكتاب الرومانتيكيين‬                         ‫السعيدة‪ ،‬والإلهام الذي‬
    ‫أطلق عليها‪ :‬الأسطورة‬                                                          ‫يعد من العمليات التحفيزية‬
 ‫الشخصية للكاتب‪ ،‬تجاوز‬                  ‫الألمان أمثال «غوتة»‪،‬‬
                                         ‫و»شيلر»‪ ،‬و»هاين»‪،‬‬
   235   236   237   238   239   240   241   242   243   244   245