Page 239 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 239

‫على افتراض أن الدراسة الموضوعية للأدب‬                      ‫التجربة الشعورية إلى نص‬
‫لا تهدف إلى وصف نفسي مرضي للكاتب؛‬                              ‫أدبي‪ ،‬والتي تتم خلال‬

  ‫إنما تحرص على تنمية فهمنا للأعمال‬                        ‫مرحلة (الاستبصار) حيث‬
 ‫الأدبية بعي ًدا عن حصر الخلق الفني في‬                    ‫ترجمة الأحاسيس والأفكار‬
‫الغرائز والدفاع النفسي‪ ،‬ومحاولة اكتشاف‬                    ‫إلى وجدان ثائر بفعل عملية‬
‫مواطن الخيال؛ فمؤسس التيار الموضوعي‬                        ‫الخلق الأدبي‪ ،‬مع ملاحظة‬
  ‫في النقد الأدبي النفسي هو "باشلار"‪،‬‬                      ‫أن التأثير والتأثر هنا لهما‬
                                                          ‫دورهما الكاشف عن طبيعة‬
   ‫أستاذ فلسفة العلوم في السوربون‪،‬‬                         ‫الصراع النفسي‪ ،‬والذاكرة‬
‫والذي لم يهتم بدراسة تكوينات اللاوعى‬
                                                             ‫كتنفيس لاوعى في النص‬
  ‫ولا بحلم الليل؛ إنما اهتم بحلم اليقظة‬                         ‫الأدبي؛ هذا إذا فهمنا‬
               ‫ومفهوم العقد‬
                                                            ‫التنفيس الانفعالي على أنه‬
    ‫الاستقرار لدى المبدع‪.‬‬     ‫للتفسيرات معان متعددة‪.‬‬        ‫دمج للصراعات الانفعالية‬
 ‫والحقيقة أن دوافع العمل‬      ‫كما أن الكتابة الأدبية لها‬
                              ‫دوافعها ‪-‬كما يرى شاكر‬           ‫من أجل إعادة تنظيمها؛‬
     ‫الإبداعي لا تخلو من‬       ‫عبد الحميد‪-‬؛ فهي تمثل‬      ‫معنى ذلك أن الذكريات التي‬
‫التعقيد؛ لأن حياة المبدعين‬     ‫انعكا ًسا لحركية النفس؛‬
                            ‫والعمليات الإبداعية الدافعية‬   ‫يستدعيها الكاتب مخزونة‬
   ‫نتاج لكثير من العناصر‬     ‫يمكن تقسيمها إلى نوعين‪:‬‬         ‫في اللاوعى‪ ،‬أو أن عملية‬
     ‫النفسية والاجتماعية‬                                  ‫الاستدعاء هذة تحتمل إعادة‬
                                 ‫أ‪ -‬النوع الأول‪ :‬خاص‬
 ‫والحضارية‪ ،‬وكل جوانب‬         ‫بالدافعية الإبداعية العامة‬       ‫تنظيم الخبرات وإعادة‬
 ‫التقدم والثقافة الإنسانية‬                                 ‫بناء الماضي‪ ،‬وكأن عمليات‬
                                 ‫التي تميز حياة المبدع‬     ‫الاستدعاء من الذاكرة تقع‬
   ‫مرهونة بما تقدمه هذة‬                      ‫وتاريخه‪.‬‬       ‫في بؤرة اهتمام الدراسات‬
  ‫الحفنة القليلة من العقول‬
‫اللامعة المبدعة‪ ،‬فمساهمات‬       ‫ب‪ -‬النوع الثاني‪ :‬وهو‬          ‫النفسلغوية؛ لذلك تهتم‬
                             ‫الدوافع الإبداعية الخاصة‪،‬‬     ‫الدراسة الموضوعية للأدب‬
    ‫المبدعين في حياتنا أمر‬
   ‫لا يجوز إغفاله(‪ ،)9‬ولأن‬         ‫وﻲﻫ اﻲﺘﻟ يستثيؤها‬         ‫بفهم اللغة الانفعالية من‬
                              ‫موضوع معين أو موقف‬          ‫خلال تحليل الأنماط اللغوية‬
      ‫الإبداع ينشأ بوجود‬      ‫معين أو منبه معين تكون‬
  ‫صراع لا يمكن حله ح ًّل‬     ‫ﻪﻟ دﻪﺘﻟﻻ وأﻪﺘﻴﻤﻫ بالنسبة‬          ‫وما تحمله من معاني؛‬
                               ‫ﻤﻠﻟبدع‪ ،‬وقد تكون إثارة‬      ‫فتفسيرات الخطاب الأدبي‬
    ‫مباش ًرا؛ كما أن الفشل‬   ‫الحالات الإبداعية الخاصة‬     ‫في المنحى الموضوعي تعتمد‬
 ‫في إدراك وتحديد المشكلة‬    ‫ناتجة عن حالة القلق وعدم‬       ‫على اعتبار وظيفة اللاوعى‬

   ‫بطريقة صحيحة يعتبر‬                                          ‫مثل اللغة التي تشتمل‬
     ‫أول معوقات الإبداع‪،‬‬                                      ‫على التصوير والتكثيف‬
                                                          ‫والانتقال؛ فعلاقات اللاوعي‬
 ‫اهتم «شاكر عبد الحميد»‬                                       ‫لا تعرف التناقض‪ ،‬كما‬
                                                            ‫أن النفي بالنسبة للاوعي‬
                                                            ‫ليس رف ًضا؛ إنما تأسي ًسا‬
                                                              ‫لما يتقدم بوصفه منفيًّا‪،‬‬
                                                          ‫الأمر يتعلق أي ًضا بالإسقاط‬
                                                           ‫وبالعقد النفسية التي تمنح‬
   234   235   236   237   238   239   240   241   242   243   244