Page 249 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 249

‫‪247‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫حوار‬

   ‫إلا المتكلمين بها وليس‬             ‫النبرة مث ًل‪ ،‬أنت يمكنك أن تشتم‬     ‫والفضح ‪-‬وإن كانا خطوة مهمة‬
‫البدو جميعهم‪ ..‬ألا تخاف‬                  ‫شخ ًصا فيضحك‪ ،‬ويمكنك أن‬             ‫في سبيل اقتراب الإنسان من‬
                                         ‫تشتمه بنفس الكلمة فيغضب‪،‬‬             ‫ذاته‪ -‬ولكن على سبيل الفهم‬
 ‫من تضييق دائرة قرائك‬
    ‫بهذا الشكل خاصة أن‬               ‫الفيصل هنا في النبرة‪ ،‬نبرة الكلمة‬   ‫والتفهم‪ ،‬ويا حبذا المرح والانفجار‬
                                         ‫التي يمكن أن ُتغضب ويمكن‬               ‫في الضحك على ألم تجاربه‬
 ‫القارئ المصري يميل إلى‬                   ‫أن ُتضحك‪ ،‬ثم ملامح الوجه‬                              ‫ومآسيه!‬
 ‫اللغة الرسمية‪ ،‬والقارئ‬
                                      ‫طب ًعا وتلويح اليدين‪ ،‬لكني أتمنى‬       ‫لغة السرد لديك تكاد‬
   ‫العربي سيكون خارج‬                   ‫وأسعى أن تصل لغة الكتابة إلى‬         ‫تتماهى مع طريقتك في‬
           ‫الدائرة تما ًما؟‬            ‫سهولة ودقة وخفة لغة الكلام‪،‬‬
                                       ‫وأنا أحب العامية ‪-‬وإن كنت لم‬           ‫الكلام العادي بحيث‬
   ‫طب ًعا عندك حق‪ ،‬ورواية «قيام‬       ‫أعتمدها تما ًما في السرد‪ ،-‬أحس‬            ‫يستطيع قارئك أن‬
 ‫وانهيار الصاد شين» فقدت كل‬           ‫أنها أكثر دقة وخفة وتعبي ًرا‪ ،‬ولا‬
                                      ‫أدري لماذا تأخرنا ‪-‬أو قل نعطلنا‬        ‫يتخيلك أنت شخص ًّيا‬
    ‫الجوائز بسبب هذا الكوكتيل‬                                               ‫وأنت تروي الرواية أو‬
‫اللغوي‪ ،‬هناك كلمات لا تستخدم‬              ‫هكذا‪ -‬في الكتابة بها‪ ،‬أنا عن‬   ‫تحكي القصة‪ ..‬لماذا تذهب‬
                                       ‫نفسي متأخر وما زلت لا أجرؤ‬         ‫دائ ًما إلى المحكية المصرية‬
     ‫إلا في عزبتنا الضيقة‪ ،‬ولكنه‬       ‫على الكتابة بها تما ًما‪ ،‬وإن كنت‬  ‫وقلي ًل ما تكتب بالفصحى‬
  ‫كان خيا ًرا‪ :‬أكتب الناس بلغتهم‬        ‫تجرأت في رواية «قيام وانهيار‬
                                      ‫الصاد شين»‪ ،‬ربما لأن المؤسس‬            ‫(الرسمية)؟ هل لديك‬
    ‫فيظهرون كما هم‪ ،‬أو أترجم‬                                                  ‫موقف من الفصحى؟‬
  ‫لغتهم فيفهم ق َّراء العربية‪ ،‬وأنا‬      ‫العظيم نجيب محفوظ لم يعتد‬
 ‫اخترت لغة الناس‪ ،‬الأدق فرحت‬           ‫العامية حتى في الحوار‪ ،‬ويقول‬       ‫أنا أتمنى أن أكتب لغة اقرب للغة‬
‫بلغة الناس حتى ضحيت بالعرب‬                                               ‫الكلام‪ ،‬لا أقصد العامية وإن كنت‬
                                         ‫نقادنا إن محفوظ اشتغل على‬       ‫أحب العامية‪ ،‬ولكن أقصد سهولة‬
    ‫والجوائز‪ ،‬بل بالقارئ نفسه‪،‬‬        ‫الحوار الفصيح حتى صار أقرب‬
   ‫أقصد القارئ الذي لا يفهم إلا‬        ‫للعامية‪ ،‬طيب‪ ..‬إذا كانت العامية‬       ‫الكلام ودقته‪ ،‬طب ًعا الكلام له‬
    ‫اللغة العربية الفصيحة طب ًعا‪.‬‬     ‫هي المراد فلماذا لم يكتب الحوار‬       ‫أسلحة لا توفرها الكتابة‪ ،‬منها‬
  ‫مع الأسف هذه اللهجة البدوية‬
‫تنقرض أي ًضا‪ ،‬آخر جيل يتكلمها‬                       ‫أسا ًسا بالعامية؟‬
‫جيل أمي! يمكنك أن تقول إنها في‬
  ‫سبيلها للانقراض بين الأجيال‬          ‫في اللغة أي ًضا تستخدم‬
‫الجديدة حتى في النجوع المتعمقة‬          ‫مفردات‬
‫في الجبال‪ ،‬وإن كان الفن الغنائي‬         ‫قبيلتك‬
 ‫يحافظ عليها‪ ..‬ثم جاء اليوتيوب‬        ‫من البدو‬
   ‫ليحييها ولكن كفن وموسيقى‬             ‫بكثرة‪،‬‬
‫وليس كلغة أو لهجة ستنقرض لا‬             ‫لدرجة‬
 ‫محالة‪ ..‬حتى في مطروح؛ المدينة‬       ‫أنك تض ِّمن‬
 ‫الوحيدة في مصر التي تتخاطب‬            ‫حوارات‬
                                     ‫كاملة بها‪،‬‬
                ‫بالهجة البدوية!‬       ‫وأشعا ًرا‪،‬‬
                                      ‫لا يفهمها‬
    ‫روايتك التي ستصدر‬
  ‫قري ًبا «يدي الحجرية»‪،‬‬
   244   245   246   247   248   249   250   251   252   253   254