Page 253 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 253
251 ثقافات وفنون
تاريخ
مينا..
وتوحيد القطرين
د.علي عفيفي
علي غازي
نهر النيل تتحكم فيه ،وكانت وسائل الحياة تجرى أحداث هذه القصة في
بدائية في ذلك الوقت ،فكانت
وقد لعب نهر النيل الدور ذلك العهد القديم ،الذي أطلق
الأساسي في استقرار المصري الأمطار تسقط بغزارة ،وكانت عليه المؤرخون اسم (العصر
الأعشاب والأشجار تنمو على العتيق) ،إشارة إلى قدمه البعيد،
القديم على ضفتيه ،فوفر له سطح الهضبة ،وعاش المصري وزمنه السحيق بالنسبة للعصور
الأمن والاستقرار ،وربطه بوحدة القديم على جمع والتقاط الثمار، التي أعقبته .والملك مينا بطل هذه
سياسية مركزية قوية ،فقد كان القصة هو أول الفراعنة ،وأول
وصيد الحيوانات. ملك عرفه تاريخ البشرية ،وأول
يأتي لمصر «هبة النيل» كل عام ثم تعرضت مصر للتصحر ،بعد ملك لمصر من البشر ،وأول من
بالفيضان؛ ليغذي التربة بالطمي أن قلت الأمطار وساد الجفاف، حكم مصر ،بعد أن ُكتب له نجاح
بعيد المدى في توحيد الصعيد
الذي تحمله مياهه من هضاب فاضطر المصري القديم إلى والدلتا ،أو توحيد مصر العليا
الحبشة بشرق أفريقيا ،ومنابع النزول إلى وادي النيل .وفى هذه ومصر السفلى على حد تعبير
البيئة الجديدة اهتدى إلى الزراعة، المصريين القدماء .وأول ملك في
النيل بجنوب السودان؛ ليزيد تاريخ الأسرة الأولى ،بل في تاريخ
الأرض خصوبة ونماء ،وهذه وأنتج الحبوب مثل :القمح مصر كلها ،وإليه يرجع الفضل في
والشعير ،واستأنس الحيوانات، توحيد البلاد ودفعها إلى مدارج
الظاهرة الفيضانية الطبيعية
جعلت اقتصاد مصر في تنا ٍم واستخدم الأواني الفخارية، الرقى والتقدم.
وعاش المصري القديم حياة ترجع البداية إلى ما قبل استقرار
متجدد معتم ًدا أسا ًسا على الاستقرار بد ًل من حياة التنقل الإنسان المصري القديم في وادي
الزراعة ،فربط نهر النيل بهذه التي عاشها فوق الهضبة ،مما
الصورة مصالح المصريين جمي ًعا أوجد مجتمعات زراعية بمصر النيل ،منذ ستة آلاف سنة قبل
من أقصى جنوب الوادي إلى ميلاد المسيح عليه السلام ،في
الوسطى والدلتا. عصور ما قبل التاريخ ،حيث
أقصى شمال الدلتا. وبذلك شهد إنسان العصر الحجري
وقد حبت القدرة الإلهية مصر كانت مصر موطنًا للإنسان
عوامل طبيعية جعلت أمر الدفاع الحديث مولد حضارة جديدة، البدائي ،الذي كان يصيد
عنها –في عصورها التاريخية تأسست دعائمها على الاستقرار،
الحيوانات ،ويعيش فوق الهضاب
المبكرة– لا يتطلب منها طول وابتكار الكتابة ،واستئناس المصرية المنتشرة ،في الظروف
نضال أو جهد كبير ،فقد ساعد الحيوان ،وتشييد أول مسكن، الطبيعية القاسية التي كانت
وإنشاء أول قرية ،وأرسى ثوابت
نهر النيل على تمتع مصر الحضارة التاريخية التي أعقبتها،
بوحدة سياسية وحضارية ومهد الطريق لقيام أول وحدة
ارتكزت نظمها الإدارية على سياسية عرفها تاريخ البشرية.
أسس مستقرة دائمة ،نتيجة