Page 258 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 258

‫العـدد ‪33‬‬                       ‫‪256‬‬

                                    ‫سبتمبر ‪٢٠٢1‬‬

 ‫مصرع قائدهم‪ ،‬حتى رضوا من‬           ‫نظام‪ ،‬عندئذ شق الملك مينا طريقه‬    ‫اليسرى‪ ،‬وقد رفع بيده اليمنى‬
  ‫الغنيمة بالسلامة فلاذوا بالفرار‬        ‫بين أعدائه‪ ،‬إلى أن وصل إلى‬   ‫بلطة كبيرة كان يوزع بها الموت‬
‫لا يلوون على شيء‪ ،‬وهكذا انهزم‬
                                      ‫قائدهم (واش)‪ ،‬وضربه ضربة‬             ‫على أعدائه‪ ،‬واندفع ضباطه‬
    ‫جيش الشمال‪ ،‬وانتصر جيش‬                ‫أطاحت بسلاحه‪ ،‬فركع على‬     ‫وجنوده من خلفه وهم يصرخون‬
   ‫الجنوب‪ ،‬وانفتح الطريق أمامه‬                                       ‫صرخات الحرب‪ ،‬وقد شرعوا في‬
    ‫لإخضاع أقاليم الدلتا في دولة‬       ‫ركبتيه يطلب الرحمة‪ ،‬فأمسكه‬     ‫أيديهم رماحهم وأقواسهم‪ ،‬حتى‬
                                        ‫الملك من ناصيته‪ ،‬وسدد إليه‬
                 ‫عظيمة موحدة‪.‬‬                                          ‫أنزلوا الرعب في صفوف جيش‬
‫بذلك النصر تحقق أمل الملك مينا‪،‬‬        ‫ضربة من بلطته أجهزت عليه‪.‬‬       ‫الشمال‪ ،‬الذي أخذ يتقهقر بغير‬
                                      ‫وما كاد جنوده وضباطه يرون‬
     ‫وأصبحت مصر دولة واحدة‬
  ‫قوية‪ ،‬ذات جيش واحد‪ ،‬وحاكم‬         ‫قطعة من المرمر منقوش عليها اسم الملكة نيت حتب من الأسرة الأولى‬

     ‫واحد‪ ،‬ومعبود واحد‪ ،‬واتحد‬                    ‫التاج الأحمر‬
 ‫القطران بعد طول فرقة‪ ،‬وتلاقى‬
  ‫الشعبان بعد طول بعاد‪ .‬ثم أراد‬
 ‫الملك مينا أن ُيرضى أهل الشمال‬
‫و ُيزيل من أنفسهم مرارة الهزيمة‪،‬‬
‫فأمر أن تسير الأمور في كل إقليم‬
  ‫وفق تقاليده وعاداته‪ ،‬وخصص‬
  ‫لكل من القطرين إدارة مستقلة‪،‬‬

   ‫بينما يرأسهما بنفسه‪ .‬وأصبح‬
     ‫مينا أول حاكم مصري يلقب‬

 ‫بملك مصر العليا والسفلى ولبس‬
‫تا ًجا مزدو ًجا يضم تاجي الشمال‬

  ‫والجنوب م ًعا‪ ،‬وأدخل في البلاد‬
   ‫وسائل النعيم والحياة المترفة‪.‬‬
    ‫وبذا استطاع الملك مينا حاكم‬
  ‫مملكة الجنوب‪ ،‬توحيد الوجهين‬
  ‫البحري مع القبلي‪ ،‬وكون لمصر‬

      ‫كلها حكومة مركزية قوية‪،‬‬
    ‫وأصبح أول حاكم يحمل عدة‬

      ‫ألقاب‪ ،‬مثل‪ :‬ملك الأرضين‪،‬‬
  ‫صاحب التاجين‪ ،‬نسر الجنوب‪،‬‬

    ‫ثعبان الشمال‪ ،‬تمجي ًدا لما قام‬
  ‫به هذا البطل العظيم من أعمال‪.‬‬
  ‫وبذلك أصبح الملك مينا مؤسس‬

      ‫أول أسرة حاكمة في تاريخ‬
    ‫مصر الفرعونية‪ ،‬بل في تاريخ‬
  ‫العالم كله‪ ،‬ولبس التاج المزدوج‬
  ‫لمملكتي الشمال والجنوب‪ .‬وهذا‬
    ‫التوحيد جعل مصر بل ًدا آمنًا‪،‬‬
   253   254   255   256   257   258   259   260   261   262   263