Page 255 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 255

‫‪253‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫تاريخ‬

‫(دمي‪ -‬أن‪ -‬حور) مدينة دمنهور‬          ‫القرى من تجمع عدد من الأسر‬         ‫مزخرف‪ .‬لكن لا يوجد مدافن أو‬
 ‫الحالية عاصمة محافظة البحيرة‬      ‫في مكان واحد‪ ،‬واتخذت كل قرية‬          ‫مخلفات بشرية في (نبتة)‪ .‬وهذا‬
 ‫عاصمة لها‪ ،‬ومن (حور) معبو ًدا‬       ‫معبودها الخاص‪ ،‬وكانت القرى‬
                                                                            ‫يدل على أن البدو كانوا رحل‬
   ‫لها‪ ،‬وربما امتدت حتى أوسيم‬               ‫بداية العمران البشري‪.‬‬           ‫يأتونها كل صيف حيث الماء‬
                       ‫الحالية‪.‬‬    ‫ولم تلبث طبيعة الحياة والمصلحة‬       ‫والكلأ‪ .‬والزواج والتجارة وإقامة‬

‫مملكتي الشمال والجنوب‬                ‫المشتركة التي تفرضها البيئات‬                      ‫الطقوس الدينية‪.‬‬
                                       ‫الزراعية على أهلها‪ ،‬أن دفعت‬       ‫وقامت أول حضارة مصرية في‬
 ‫كانت هذه الفترة مرحلة التكوين‬                                         ‫منطقة (البداري) بمحافظة أسيوط‬
 ‫والتشكيل الحضاري والسياسي‬         ‫المصري ليخطو خطوة كبرى نحو‬             ‫بالصعيد على الفلاحة والصيد‪،‬‬
                                     ‫تكوين المدن من تجمع عدد من‬
   ‫للتاريخ والحضارة الفرعونية‪،‬‬        ‫القرى‪ ،‬حيث أصبح لكل مدينة‬                ‫وتربية الطيور والمواشي‪،‬‬
  ‫إذ بدأت تتشكل في الأفق أقاليم‬      ‫معبود خاص من قوى الطبيعة‪،‬‬            ‫وصناعة الفخار والتعدين‪ ،‬فقد‬
                                      ‫وحاكم من ذوي الدماء الملكية‬        ‫بدأت الزراعة في بلدة (البداري)‬
     ‫تكونت من عدة قرى ومدن‪،‬‬           ‫المقدسة‪ ،‬وأخذ الناس ينظمون‬        ‫منذ سنة ‪ 5000‬قبل الميلاد‪ ،‬كما‬
   ‫وتفرد كل إقليم بمعبود خاص‬           ‫حياتهم في تلك القرى والمدن‪،‬‬       ‫وجد بالفيوم مستوطنون عرفوا‬
                                       ‫وأصبحت مصر ممالك قبلية‬             ‫الزراعة في نفس التوقيت الذي‬
     ‫وحاكم وعاصمة‪ ،‬وقد ُسمى‬                               ‫صغيرة‪.‬‬           ‫بدأت فيه الزراعة في البداري‪.‬‬
  ‫الإقليم باسم معبوده مثل إقليم‬       ‫وبمرور الوقت انضمت القرى‬             ‫ومنذ ‪ 4500‬قبل الميلاد قامت‬
                                                                       ‫مدينة (مرميد) ‪-‬على حدود الدلتا‬
      ‫الصقر‪ ،‬أو النسر‪ ،‬أو الصل‬      ‫والمدن بعضها إلى بعض فتكونت‬        ‫الغربية‪ -‬على الزراعة‪ ،‬واستئناس‬
  ‫(الثعبان)‪ ،‬وكانت نشأة الأقاليم‬      ‫الأقاليم‪ ،‬وكان لكل إقليم حاكم‬
   ‫المستقلة الخطوة الأولى لتدعيم‬       ‫واحد‪ ،‬وشعار واحد‪ ،‬ومعبود‬               ‫الحيوان‪ ،‬وصناعة الأواني‬
   ‫الوحدة السياسية بين الشمال‬                                              ‫الفخارية‪ ،‬وغيرها من الأعمال‬
                                   ‫واحد‪ ،‬يعبدونه بمراسم وطقوس‬
   ‫والجنوب‪ ،‬حيث وطدت دعائم‬              ‫واحدة‪ ،‬وظلت هذه الوحدات‬              ‫البدائية البسيطة التي كانت‬
   ‫الأمن والنظام في أرجاء البلاد‪،‬‬                                      ‫تتناسب وحاجيات المجتمع في ذلك‬
  ‫ووضعت تقاليد الملكية‪ ،‬ونظمت‬      ‫الإقليمية قائمة طوال تاريخ مصر‬      ‫العصر‪ .‬وفي مدينة (بوتو) ظهرت‬
                                       ‫القديم‪ ،‬وظل الحكام يتمتعون‬
     ‫الإدارات‪ ،‬ودعمت الحضارة‬           ‫بنوع من السلطة يختلف قوة‬           ‫صناعة الفخار المزخرف‪ ،‬الذي‬
     ‫المصرية‪ ،‬وجعلت لها طابعها‬                                         ‫يختلف عن طراز الفخار في مصر‬
                                    ‫وضع ًفا واستقلا ًل باختلاف قوة‬
                       ‫الخاص‪.‬‬      ‫الملك الأعظم ووضعه‪ ،‬وترتب على‬           ‫العليا‪ .‬والاختلاف الوحيد بين‬
 ‫وبمرور الزمن فإن هذه الأقسام‬      ‫ذلك أن وجدت مجموعة أقاليم في‬         ‫المصريين القدماء في مصر العليا‬
                                   ‫الوجه البحري‪ ،‬وأخرى في الوجه‬           ‫ومصر السفلي وجد في العقيدة‬
    ‫أخذت تجنح إلى تنظيم نفسها‬
‫مدفوعة بحاجات التجارة النامية‪،‬‬         ‫القبلي‪ ،‬وكانت الخطوة الأولى‬         ‫وطريقة دفن الموتى والعمارة‪.‬‬
                                     ‫في قيام الوحدة في التاريخ قيام‬
       ‫وتكاليف الحرب المتزايدة‪،‬‬      ‫مملكتين في الدلتا‪ ،‬الأولى قامت‬       ‫نشأة القرى والمدن‬
    ‫فقامت حركة اتحاد في الوجه‬
     ‫البحري حينما اتحدت أقاليم‬         ‫شرق الدلتا في إقليم (عنجة)‬       ‫تظهر في سنة ‪ 3500‬قبل الميلاد‬
     ‫الدلتا في مملكة واحدة أطلق‬     ‫على الضفة الغربية لفرع دمياط‪،‬‬          ‫ُنظم الري البدائي‪ ،‬الأمر الذي‬
‫عليها المؤرخون (مملكة الشمال)‪،‬‬        ‫واتخذت من الحربة لواء‪ ،‬ومن‬             ‫دفع المصري القديم إلى بناء‬
  ‫وكانت عاصمتها مدينة (بوتو)‬         ‫(عنجتي) معبو ًدا‪ ،‬وربما امتدت‬        ‫المساكن‪ ،‬واستقرت كل جماعة‬
     ‫شمال مدينة دسوق الحالية‬       ‫حتى عين شمس الحالية‪ .‬وقامت‬               ‫في قرية يتعاونون في زراعة‬
‫بمحافظة كفر الشيخ‪ ،‬وزين ملكها‬
 ‫رأسه بتاج أحمر‪ .‬وأي ًضا تكونت‬          ‫المملكة الثانية في غرب الدلتا‬    ‫الأراضي المحيطة بهم‪ ،‬وتكونت‬
    ‫مملكة أخرى في الوجه القبلي‬        ‫متخذة من مدينة (حورس) أو‬
   250   251   252   253   254   255   256   257   258   259   260