Page 106 - merit 51
P. 106

‫العـدد ‪51‬‬  ‫‪104‬‬

                                                      ‫مارس ‪٢٠٢3‬‬

   ‫مات لأنها نس َيته أو تجاهلته‪ ،‬هي تسي ُر كما سارت‬                            ‫أمسك ُت بيدي َك لأعب َر‬
     ‫«سيلفيا» ‪-‬الشاعرة الأمريكية‪ -‬بقدمين حافيتين‬      ‫لكنني كن ُت أتحس ُس طريقي وحدي في عمى تام‬

 ‫تخدشان المومياوات لتسأل الماضي عن سطوته‪ ،‬وعن‬                    ‫سر ُت برف ٍق فوق أجساد المومياوات‬
‫بصمته الوراثية التي محاها الحاضر‪ ،‬فصارت صورة‬                                       ‫أخدشها بقدمي‬
‫باهتة تبح ُث عن آ ِنها في ماضيها‪ ،‬تقول «سيلفيا بلاث»‬                               ‫وتخدش قلبي‪.‬‬

                             ‫في قصيدتها «حافة»‪:‬‬                      ‫مدين ٌة كاملة تلك التي بالأسفل‬
                        ‫أدركت المرأة كمالها أخي ًرا‬                                ‫مدينة لا أعرفها‬

                                   ‫جسدها الميت‬              ‫أنق ُب عني بين الأجساد المدفونة بال ُعمق‬
                          ‫يحمل ابتسامة التحقق‬                   ‫حت ًما لي بصمة وراثية ُهنا أو هناك‪.‬‬
                                                                           ‫حتما لي جس ٌد آخر بينها‬
                                ‫وهم قدر إغريقي‬                                ‫تائه في مدينة الموتى‬
                        ‫ينساب بين طيات ثوبها‬                                   ‫وهويته ضائعة (‪.)4‬‬
                 ‫قدماها العاريتان كأنهما تقولان‪:‬‬
                                                       ‫الحدي ُث عن ال َج َسد كأحد أدوات تشكيل المعني في‬
                                    ‫كثي ًرا مشينا‬                     ‫الحياة وفي قصيدة النثر حديث‬
                                                                         ‫جديد‪ -‬قديم‪ ،‬لكنه عند المرأة‬
                                                                      ‫قد يأخ ُذ طاب ًعا أكثر خصوصية‬
                                                                          ‫ومعاني أكثر اتصا ًل ب ِفكرة‬
                                                                             ‫البحث عن معنى للحياة‬
                                                                      ‫وللنصوص «فإذا كانت قصيدة‬
                                                                     ‫النثر كس ًرا لاستمرارية الأنساق‬
                                                                       ‫في التاريخ ونسيا ًنا لإيقاعها في‬
                                                                        ‫الثقافة العربية بحثًا عن إيقاع‬
                                                                      ‫جديد يبتكر من خلالها شعريته‬

                                                                    ‫التي يستمدها من نبض حواسها‪،‬‬
                                                                      ‫فإن احتفاء هذا الجنس الشعري‬

                                                                          ‫والإمعان في تمثله إمعا ًنا في‬
                                                                    ‫الانفلات من الوصايا الماضوية له‬

                                                                                      ‫ما ُيبرره»(‪.)5‬‬
                                                                       ‫ُيشكل البحث ‪-‬في مدينة الموتى‬

                                                                           ‫التي شكلتها الشاعرة عبر‬
                                                                         ‫قصائدها‪ -‬عن هوية الج َسد‬
                                                                       ‫معنى من معاني َرفض ال َج َسد‬
                                                                          ‫أو ُمحاولة فهمه‪ ،‬هي لحظة‬
                                                                         ‫يبدو فيها الجسد أضيق من‬
                                                                        ‫طاقة الشاعرة وتبدو تجاربه‬
                                                                      ‫ُمخيبة للآمال و ُمحبطة‪ ،‬وهو ما‬
                                                                       ‫لا ُتسلم به الشاعرة‪ ،‬بل ُتنكره‬
                                                                         ‫كأنه ُمزيف وتبدأ رحلتها في‬
                                                                     ‫البحث عن جسدها الحقيقي الذي‬
   101   102   103   104   105   106   107   108   109   110   111