Page 110 - merit 51
P. 110

‫العـدد ‪51‬‬  ‫‪108‬‬

                                                                ‫مارس ‪٢٠٢3‬‬

            ‫أن تظلل سحاب ُة حزني المدين َة بأكملها‬                              ‫كي أحافظ على وحدتي في العالم‪.‬‬
                         ‫ينتق ُل السج ُن من داخلي‬                                           ‫لا أري ُد أذيا ًل لخيبتي‬
                                ‫إلى كل مكان (‪.)17‬‬
                                                                               ‫لا أري ُد لرحمي أن تتور َط في الخلق‬
 ‫لقد سي َط َر الخو ُف من آخر يقتر ُب من الجسد‪ /‬الذات‪،‬‬                                      ‫كما تتور ُط الآلهة (‪.)16‬‬
 ‫وصار هاج ًسا يتوال ُد في النصوص‪ ،‬واتخذت الشاعرة‬
                                                                 ‫من جديد يبدو رفض وظائف الجسد كجزء من رفض‬
      ‫من الرجل‪ /‬الجسد النقيض أداة لتشكيل معاني‬                  ‫الجسد ملم ًحا من ملامح البحث عن معنى أكبر وأسمى‬
    ‫الانسحاق والكبت‪ ،‬لا أري ُد أن أقول إننا أمام ِكتابة‬
  ‫نسوية‪ ،‬لكننا أمام كتاب ٍة أنثوية والفارق بينهما كبير‪،‬‬          ‫وأقوم قيلا؛ فهي تخشى الأمومة ِخشية المصير الذي‬
                                                                    ‫قد يؤول إليه أولئك الأطفال المُحتملون‪ .‬لا يج ُب أن‬
‫فالشاعرة لا تقدم «مانيفستو» احتجاجي دعائي ولكنها‬                   ‫ننسى أن هذا ليس موق َف الشاعرة فحسب‪ ،‬بل هو‬
‫ُتقدم ذاتها‪ /‬الأنثى بمخاوفها الحقيقية وليست المُدعاة‪،‬‬                ‫موق ُف كثيرين وكثيرا ٍت جرحتهم مشار ُط ما بعد‬

                       ‫تقو ُل في قصيدتها «أخي ُطه»‪:‬‬               ‫الحداثة‪ ،‬وسبب لهم العصر التكنولوجي المُعلب فز ًعا‬
                                    ‫أخي ُط ثقبي‬                   ‫من كل تجليات الحميمية والسكن‪ .‬إن الحياة في عال ٍم‬
                                                                  ‫مذعور ليست آمنة والمسافة بينك وبين ُقبل ٍة تضعها‬
                                   ‫أسده بالطين‬
                                 ‫لا ر ُج َل بإمكانه‬                   ‫على جبين ابنتك أو ابنك ُمزدحمة وبعيد ٌة بعيدة!‬
                           ‫أن يهم َس سره ِف (‪.)18‬‬                  ‫كما اتخذت الشاعرة من القصائد القصيرة ج ًّدا آلية‬
‫لا شك أن الفعل «أخي ُطه» جاء في صيغة المُضارع ليدل‬
 ‫على تجدد فعل سد ال ُثقب‪ ،‬ويؤكد أن خوفها من الآخر‬                    ‫لتشكيل المعنى الشعري إذ كيف لمذعو ٍر أن يحكي‬
                                                                 ‫باستفاضة وقد ضا َق به الجسد وضاقت به مفرداته‪،‬‬
    ‫ُمستم ٌر‪ ،‬يتوال ُد مع كل يوم ويك ُبر في وجه الآخر‪/‬‬          ‫وإذا كن ُت اعتبر ُت قصائدها القصيرة ج ًّدا هي أحجا ُرها‬
                                          ‫العالم‪.‬‬
                                                                      ‫التي تحشو بها جيوبها قبل الذهاب للنهر لغمر‬
      ‫في الختام‪ ،‬أقول‪ :‬هذه مجموعة شعرية لم تتذرع‬                ‫الجسد‪ ،‬فأنا أعتبرها أيضا ُمعاد ًل لدمو ٍع كثيرة ذرفتها‬
  ‫بالمألوف من ِح َيل «إصلاح العالم» التي يدعيها بعض‬              ‫الشاعرة في رحلة ُمحاربة الاكتئاب والتطهر‪ ،‬تقول في‬

     ‫الشعراء في العموم‪ ،‬وشعراء قصيدة النثر بشكل‬                                           ‫قصيدة «كآبتي ُمعدية»‪:‬‬
‫خاص‪ ،‬لكنها أص َغت لآلام الروح وتصدعات ال َجسد في‬                            ‫كنت أخشى من أن تكون كآبتي ُمعدي ًة‬
 ‫لغ ٍة شفافة وأساليب غرائبية لم ُتغلِق النصوص ولكن‬
                                                                                           ‫أن يلتقطها أح ُد المارة‬
               ‫جعل َتها أكثر تحري ًضا لفضول ال ُمتلقي‬                                           ‫يمر َرها لآخرين‪.‬‬

                          ‫‪ -8‬نهاد ذكي‪ ،‬كأنها القيامة‪ ،‬ص‪.22‬‬                                    ‫المراجع‪:‬‬
                ‫‪ -9‬أبو العلاء المعري‪ ،‬اللزوميات‪ ،‬موقع الديوان‪.‬‬
                                                                ‫‪ -1‬نهاد ذكي‪ ،‬كأنها القيامة‪ ،‬شعر‪ ،‬دار الأدهم للنشر والتوزيع‪،‬‬
                         ‫‪ -10‬نهاد ذكي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.60‬‬                                              ‫القاهرة‪ ،‬ط‪2021 ،1‬م‪.‬‬
‫‪ -11‬رنيم ضاهر‪ ،‬عن هوامات سيلفيا بلاث التي أتقنت الموت بشكل‬                                             ‫‪ -2‬السابق‪ ،‬ص‪.5‬‬
                                                                                                      ‫‪ -3‬السابق‪ ،‬ص‪.59‬‬
   ‫استثنائي‪ ،‬الموقع الإليكتروني لجريدة النهار‪ 24 ،‬أبريل ‪.2021‬‬                                        ‫‪ -4‬السابق‪ ،‬ص‪.23‬‬
                               ‫‪ -12‬نهاد ذكي‪ ،‬سابق‪ ،‬ص‪.71‬‬
                                       ‫‪ -13‬السابق‪ ،‬ص‪.20‬‬         ‫‪ -5‬نهاد مسعي‪ ،‬ال ِكتابة بالجسد في قصيدة النثر النسوية‪ ،‬مجلة‬
                                      ‫‪ -14‬السابق‪ ،‬ص‪.109‬‬          ‫الدراسات الثقافية واللغوية والفنية‪ ،‬المركز العربي الديمقراطي‬
                                                                              ‫ببرلين‪ ،‬ألمانيا‪ ،‬المجلد ‪ ،3‬مارس ‪ ،2020‬ص‪.98‬‬
  ‫‪ -15‬أحمد الشهاوي‪ ،‬قيامة نهاد ذكي التي قامت شعرا (‪،)2 -2‬‬         ‫‪ -6‬سيلفيا بلاث‪ ،‬الحافة‪ ،‬ت‪ :‬جمانة حداد‪ ،‬موقع جهة الشعر‪.‬‬
                ‫المصري اليوم‪ ،‬العدد ‪ 17 ،6364‬نوفمبر ‪.2021‬‬          ‫‪ -7‬فرح عاصم‪ ،‬سيلفيا بلاث‪ :‬متعة الحياة والكتابة كخلاص‬
                                   ‫‪ -16‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.21‬‬                                     ‫للروح‪ ،‬موقع الجزيرة دوت نت‪.‬‬
                                  ‫‪ -17‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.40‬‬
                                  ‫‪ -18‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.64‬‬
   105   106   107   108   109   110   111   112   113   114   115