Page 107 - merit 51
P. 107

‫نون النسوة ‪1 0 5‬‬

‫فيرجينيا وولف‬     ‫سيلفيا بلاث‬                                                                   ‫كفى!(‪)6‬‬
                                                          ‫لقد اعتبرت «نهاد» كسيليفا الجسد «حافة» علينا أن‬
                       ‫أريد أن أكتب مائة قصيدة‬            ‫نقف َز منها بحثًا عن حقيقتنا التي قد تكون مسجونة‬
                                                         ‫في ذلك الجسد‪ ،‬الذي تشكل بصورة قد لا ُترضينا أو‬
                                     ‫مائة رواية‬          ‫شكل سجنًا لأروا ِحنا‪ ،‬علينا أن ُنعيد استكشافه بحثًا‬

                            ‫أن أقرأ ملايين الكتب‬                                 ‫عنَّا‪ ،‬تقو ُل سيلفيا بلاث‪:‬‬
                                                              ‫“»أريد أن أكون حرة‪ ،‬حرة في معرفة الناس‬
                   ‫حتى أجمع المكتبات في رأسي‪.‬‬            ‫وخلفياتهم الثقافية‪ ،‬في الانتقال إلى أماكن مختلفة‬
             ‫حتى يصبح دماغي ثقي ًل على الجس ِد‬           ‫من هذا العالم؛ لكي أتعلم أن ثمة معايير أخلاقية‬
                                                         ‫أخرى إلى جانب تلك التي عندي‪ .‬إني أريد وأرغب‬
                                       ‫ليتحمله‬            ‫أن أكون‪ ،‬أن يسع علمي كل شيء‪ ..‬أن أحل في كل‬
                                                          ‫شيء؛ لكن إن لم أكن في هذا الجسد‪ ،‬أين سأكون‪،‬‬
                                ‫فيسقط مني (‪.)10‬‬            ‫ربما كان من المقدر لي أن يتم تصنيفي وتأهيلي‬
‫أرى لحظة سقوط «الدماغ» عن «الجسد» لحظ َة التحرر‬         ‫[لحياة واحدة]‪ ،‬لكنني أرفض الأمر‪ .‬فأنا‪ ،‬أنا قوية‪،‬‬

    ‫المُشتهاة والقيامة المزعومة التي تغل ُب فيها جسارة‬                               ‫لكن إلى أي حد؟»(‪)7‬‬
  ‫المعرفة ُجبن الأجساد وارتباكها‪ ،‬وهي لحظة «موت»‬         ‫شكل هذا النهم المعرفي والرغبة في الاستزادة من ُكل‬
   ‫أي ًضا‪ ،‬فكيف يحيا جس ٌد بلا دماغ؟! لكن ذلك الموت‬       ‫شي ٍء ‪-‬حتى وإن فا َق طاقة الجسد‪ -‬منطقة اشتباك‬
  ‫مو ٌت فيزيقي للجسد‪ ،‬بينما الروح‪ -‬النفس‪ -‬المعرفة‬       ‫لدى سيلفيا ونهاد‪ ،‬تقو ُل نهاد ذكي في قصيدتها «أولد‬
 ‫تسعى إلى ما وراء الجسد في ِرهان ُمستمر على جس ٍد‬
                                                                                               ‫مرتين»‪:‬‬
                          ‫(معرفي) جديد يلي ُق بها‪.‬‬                                                   ‫‪..‬‬
‫نهاد ‪-‬مرة أخرى‪ -‬كسيلفيا ُتراهن على الموت كخلا ٍص‪،‬‬
                                                                                       ‫الآن وقد احترق ُت‬
    ‫وكانطلاقة جديدة بحسب سيلفيا «المو ُت فن ككل‬                                ‫ستكو ُن قيامتي من الرما ِد‬
    ‫شيء آخر‪ ،‬وأنا أتقنه بشك ٍل استثنائي»‪ ،‬و ُربما‬                    ‫زهرة تنب ُت من بطن الأرض الخربة‪.‬‬
   ‫كان ذلك ُمشتر ًكا عا ًّما بين الشاعرات بحسب رنيم‬
    ‫ضاهر حيث تقول‪« :‬ربما تتشابه الشاعرات من‬                                              ‫ولاد ٌة جديد ٌة‪..‬‬
   ‫حيث رهافة الحس‪ ،‬بما ينعكس حز ًنا حقيق ًّيا في‬                 ‫من منا تأتيه ال ُفرص ُة لأن يول َد مرتين؟(‪)8‬‬
    ‫النصوص‪ ،‬ش َّفا ًفا‪ ،‬يخلط ما هن عليه في المرايا‪.‬‬     ‫هي ترفض ‪-‬كما سيلفيا‪ -‬التأهيل للحياة مرة واحدة‪،‬‬
                                                            ‫وبالتالي عليها أن ُتغامر بجسدها بحثًا عن حياتها‬
                                                          ‫الأخرى وجسدها الآخر الذي تبحث عنه كي يجرب‬
                                                         ‫الحياة من جديد‪ ،‬لترى هل كان سيسلك نفس سلوك‬
                                                        ‫الجسد الأول ك ُمستقبل لل ُمثيرات؟ وهل سيصي ُر سجنا‬
                                                            ‫للروح كعادة الأجساد؟ وكما في قول أبي العلاء‪:‬‬

                                                                            ‫أراني في الثلاث ِة من سجوني‬
                                                                              ‫فلا تسأل عن الخبر النبي ِث‬
                                                                              ‫لفقدي ناظري ولزو ِم بيتي‬
                                                                       ‫وكون النفس في الجس ِد الخبي ِث!(‪)9‬‬
                                                        ‫وكما تر ُفض نهاد ذكي الجسد الواحد الضيق‪ ،‬ويزداد‬
                                                          ‫نهمها للمعرفة‪ ،‬ترفض القصيدة‪ ،‬والقصيدة الواحدة‬
                                                          ‫ك ُمعادل واحد للجسد وكشك ٍل وحيد للكتابة‪ ،‬وتنفتح‬
                                                        ‫على أشكال من ال ِكتابة ترضي شهوتها للمعرفة‪ ،‬تقول‪:‬‬
   102   103   104   105   106   107   108   109   110   111   112