Page 109 - merit 51
P. 109

‫نون النسوة ‪1 0 7‬‬

                                                                     ‫موج ًة موج ًة‬

                                                                     ‫أنحني‬

                                                                     ‫لينسكب الملح في دمي‬
                                                                     ‫ك ُل الأحجار التي وضع ُت‬
                                                                     ‫في جيبي‬

                                                                     ‫لم تعد كافية‬

                                                                     ‫فكلما وصل ُت إلى العمق‬
                                                                     ‫طفا جسدي من جديد‪)13(.‬‬

                                                                     ‫لقد ور َد ذكر كلمة «جسد»‬
                                                                     ‫بلفظها الصريح أكثر من‬

                                                                     ‫‪ 40‬مرة في المجموعة‬

                                                                     ‫الشعرية‪ ،‬بالإضافة إلى‬

                                                                     ‫إشارات كثيرة للجسد‬

                                                                     ‫بصفاته‪ ،‬وهو ما يؤطر‬
                                                                      ‫ِعرا ًكا شعر ًّيا دائ ًما مع‬
‫بلند الحيدري‬  ‫تيد هيوز‬                                    ‫رنيم ضاهر‬      ‫«الجسد» ورغبة في‬

                                                                     ‫الخلاص من سجنه‪ ،‬فلا‬

                              ‫وشر ُبوا قبلي»)(‪)15‬‬                    ‫يطفو من جديد لأنه فوق‬
  ‫جاءت أكثر نصوص المجموعة الشعرية قصيرة‪ ،‬هي‬               ‫طاقة الشاعرة‪ ،‬وفي إشار ٍة لا تخلو من ُمفارقة تقو ُل‬
‫نصوص كحجارة فيرجينيا التي ملأت بها جيوبها كي‬                             ‫الشاعرة في قصيدة (ما الفرق؟)‪:‬‬
   ‫تغرق غر ًقا مؤك ًدا لا رجعة فيه ولا َطفو! لقد َس َعت‬
  ‫فيرجينيا ل ِكتابة مو ِتها في «جيو ٌب ُمثقلة بالحجارة»‪،‬‬             ‫سأمو ُت حرة‬
                                                                     ‫أو وحيد َة‬
       ‫وسعت نهاد ذكي لمواجهته في «كأنها القيامة»‪.‬‬
                                                                                        ‫ما الفرق؟‬
                 ‫(‪)4‬‬                                                 ‫أنا النحيف ُة في جس ٍد عملاق (‪.)14‬‬
                                                          ‫تبدو المُفارقة ذات الدلالة المركزية ُهنا في اعتبار نهاد‬
  ‫بدا لي أن «الاعتراف» جاء كأحد آليات تشكيل المعنى‬        ‫جسدها (عملا ًقا)‪ ،‬وهي في الواقع (نحيفة) لمن رآها‬
 ‫الشعري لدى نهاد ذكي‪ ،‬ولقد تبدو قصائد المجموعة‬            ‫رأي العين‪ ،‬لكنها تتحدث ُهنا عن الجسد كدا ٍل ومدلو ٍل‬
‫في ُمجملها وثيقة اعتراف شعرية‪ ،‬وهذا تقاط ٌع آخر مع‬        ‫في نفس الوقت؛ فهو دال التشهيات والأوجاع والآلام‬
  ‫سيلفيا بلاث إن لم ي ُكن الاعترا ُف في «القيامة» فمتى‬    ‫وهو مدلو ُل الوجود‪ ،‬وبالتالي فهو ِعملا ٌق أ ًّيا كانت‬
 ‫يكون؟! أن تك ُت َب الشاعرة قصائدها بلا ِقنا ٍع فني في‬    ‫صورته‪ ،‬ومعركتها معه أشبه بمعارك المُتصوفة‪ ،‬يقول‬

    ‫ُلغ ٍة بسيطة ُرغم عجائبية المضامين فهذا دلي ٌل على‬                              ‫الشاعر أحمد الشهاوي‪:‬‬
  ‫احترا ٍم شديد لقيمة ال ِكتابة واتخاذها مساحة للعلاج‬      ‫«تكت ُب نهاد ذكى بج ُنو ِن الشاط ِح‪ ،‬وحس العار ِف‬
‫والتطهر مما ُيظن أنه آثام أو آلام‪ ،‬تقول في قصيدة «لا‬
                                                               ‫النائ ِم فى النا ِر التى صارت بر ًدا وسلا ًما سير ًة‬
                 ‫أري ُد لرحمي أن تتو َرط في الخلق»‪:‬‬           ‫ذاتي ًة أو ترس ُم صور ًة شخصي ًة ُمتخيل ًة‪ ،‬لكنها‬
                              ‫أخشى من الأمومة‬             ‫تتقاط ُع أو تتماس مع تفاصي ِل الحياة التى عاشتها‪،‬‬

                     ‫كما تخشى على نفسها مني‪.‬‬                                  ‫ُمتأر ِجح ًة بين الشك واليقي ِن‪:‬‬
              ‫أحبا ٌل سر َية كثيرة تلك التي قطع ُت‬                      ‫« ُكل بئ ٍر شرب ُت منها صار ْت في دمي‬
                                                                      ‫ُكحلتىعلأامص ٍةب َفحيهاج ِسهدب ٌةيممخانرعط َبَة ُروطاريم ٍنق ُهنا‬
   104   105   106   107   108   109   110   111   112   113   114